السؤال
أريد أن أسأل عن حكم المكروه، لماذا كان مكروها ولم يكن محرما؟ ما دام الله يكرهه، فلماذا لم يحرمه؟ وحتى في الحديث الذي ضعفه العلماء الذي يقول: إن أبغض الحلال عند الله الطلاق ـ سمعت علماء كثر يعلقون بعد تضعيفه بأن متن الحديث مضطرب، لأن الحلال ما أحبه الله ورضيه، والحرام ما أبغضه الله وحرمه، فلا يكون الطلاق حلالا ومبغوضا عند الله في نفس الوقت، فالأجدر تحريمه، أليس من المفروض أن نطبق هذا أيضا على سائر المكروهات؟ أرجوا إفادتي بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمكروه في اصطلاح الأصوليين: ما نهي عنه نهيا غير جازم، وقيل: ما تركه خير من فعله، وقد تطلق الكراهة في كلام الفقهاء ويراد بها التحريم، أو نهي التنزيه، أو ما تركه أولى، وانظر الفتوى رقم: 54220
ولا يلزم من ذلك أن الله عز وجل يكرهه في حقيقة الأمر، وليس في ثبوت حكم الكراهة بالمعنى الاصطلاحي ـ وهو ما نهى الشرع عنه نهيا غير جازم ـ ما يوجب تناقضا، وإنما هو نظير المندوب الذي هو ما أمر به الشرع أمرا غير جازم، فقد يأمر الشرع بأمر ولا يؤكده تأكيد الواجبات، فلا يمتنع أن ينهى الشرع عن فعل من غير تأكيد للنهي عنه كما يؤكد في المحرمات، وذلك لأن المفاسد تتفاوت رتبها، فناسب ذلك أن تختلف الأحكام فليست مفسدة الكبيرة كمفسدة الصغيرة، ومفسدة المحرم ليست كمفسدة المكروه، قال العز بن عبد السلام: فصل: في بيان رتب المفاسد وهي ضربان: ضرب حرم الله قربانه، وضرب كره الله إتيانه، والمفاسد ما حرم الله قربانه رتبتان إحداهما: رتبة الكبائر وهي منقسمة إلى الكبير والأكبر والمتوسط بينهما، فالأكبر أعظم الكبائر مفسدة، وكذلك الأنقص فالأنقص، ولا تزال مفاسد الكبائر تتناقص إلى أن تنتهي إلى مفسدة لو نقصت لوقعت في أعظم رتب مفاسد الصغائر، وهي الرتبة الثانية، ثم لا تزال مفاسد الصغائر تتناقص إلى أن تنتهي إلى مفسدة لو فاتت لانتهت إلى أعلى رتب مفاسد المكروهات، وهي الضرب الثاني من رتب المفاسد، ولا تزال تتناقص مفاسد المكروهات إلى أن تنتهي إلى حد لو زال لوقعت في المباح. انتهى من قواعد الأحكام في مصالح الأنام.
وأما عن حديث: أبغض الحلال عند الله الطلاق ـ ما يتعلق بصحته، أو ضعفه وحكم الطلاق في الشرع، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 12962.
وهو دليل على عدم حرمة الطلاق حيث جعله قسما من أقسام المباح، قال صاحب سبل السلام: فيه دليل على أن في الحلال أشياء مبغوضة إلى الله تعالى وأن أبغضها الطلاق فيكون مجازا عن كونه لا ثواب فيه ولا قربة في فعله.
والله أعلم.