السؤال
ما هو الإذن العُرفي، وما ضابطه؟ وهل إذا خالف شخصٌ العُرف، أَرُدُّ له حقَّه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالإذن العرفي: أن يجري العُرْفُ بالإذن في فعل شيء، أو الانتفاع به، أو تملكه، فيُنزَّل هذا الإذن العُرفي، منزلة الإذن اللفظي، ويعمل بمقتضاه. وهذا يدخل تحت قاعدة: (العادة محكمة)، وهي إحدى القواعد الخمس الكلية في الشريعة الإسلامية، وانظر للفائدة الفتاوى: 27000، 377977، 30195، 80975.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين: قد جرى العرف مجرى النطق في أكثر من مائة موضع، منها: نقد البلد في المعاملات، وتقديم الطعام إلى الضيف، وجواز تناول اليسير مما يسقط من الناس من مأكول وغيره ... وإذن المستأجر للدار لمن شاء من أصحابه، أو أضيافه في الدخول، والمبيت، والثوى عنده، والانتفاع بالدار وإن لم يتضمنهم عقد الإجارة لفظًا، اعتمادًا على الإذن العرفي... وهذا أكثر من أن يحصر، وعليه يخرج حديث عروة بن الجعد البارقي حيث «أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم دينارًا يشتري له به شاة، فاشترى شاتين بدينار، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بالدينار، والشاة الأخرى» فباع، وأقبض، وقبض، بغير إذن لفظي، اعتمادًا منه على الإذن العرفي، الذي هو أقوى من اللفظي في أكثر المواضع. اهـ.
وضوابط ذلك هي ضوابط العمل بالعُرف عمومًا، وأهمها: أن لا يوجد تصريح بخلاف ما جرى به العرف.
قال السرخسي في المبسوط: إنما يعتبر العرف إذا لم يوجد التصريح بخلافه. اهـ.
وقال في شرح السير الكبير: دلالة الحال والعرف يسقط اعتباره إذا صرَّح بخلافه. اهـ.
وقال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: كل ما يثبت في العرف إذا صرح المتعاقدان بخلافه بما يوافق مقصود العقد، صح. اهـ.
وقال النووي في شرح مسلم: الإذن ضربان:
أحدهما: الإذن الصريح في النفقة والصدقة.
والثاني: الإذن المفهوم من اطراد العرف والعادة، كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به، واطرد العرف فيه، وعلم بالعرف رضاء الزوج والمالك به، فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم، وهذا إذا علم رضاه لاطراد العرف، وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس في السماحة بذلك والرضا به؛ فإن اضطرب العرف وشك في رضاه، أو كان شخصًا يشح بذلك، وعلم من حاله ذلك، أو شك فيه، لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه. اهـ. ولمزيد من الفائدة، انظر الفتوى: 37558.
وأمَّا قولك: "وهل إذا خالف شخصٌ العُرف، أَرُدُّ له حقَّه؟" فكلام مجمل غير واضح المراد منه بالتحديد، ويحتمل عدة أوجه، فنرجو بيان مقصودك منه، ليتسنى لنا الجواب عنه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني