السؤال
أدركنا الجماعة في صلاة العصر في الركعة الثالثة، وكان المسجد ممتلئا، فصلينا بجانب الحائط في ساحة المسجد، وظننا أننا أدركنا الركعة الثانية، فلما قام الإمام للرابعة جلسنا نحن للتشهد، ثم لما قام من الركوع قمنا من التشهد، فركعنا وقمنا من الركوع، وأدر كناه في السجود، ثم لما جلس للتشهد الأخير انقسمنا، فمنا من جلس معه، ومنا من ظن أنه قام للرابعة فقام يقرأ الفاتحة، فلما سلم أتم كل منا ركعتين وسلم. فهل صلاتنا صحيحة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما قام به هؤلاء المسبوقون من الإتيان بالركوع والالتحاق بالإمام في السجود كان صوابا؛ لأن تخلفهم كان لعذر.
وقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 150543، ما يفعله المأموم إذا سبقه الإمام بركن فأكثر لعذر.
وفي كشاف القناع في الفقه الحنبلي: وإن كان تخلفه بالركنين فأكثر ( لعذر كنوم وسهو وزحام إن أمن فوت الركعة الثانية أتى بما تركه وتبعه ) لتمكنه من استدراكه بلا محذور ( وصحت ركعته ) فيتم عليها ( وإلا ) بأن لم يأمن فوت الثانية إن أتى بما تركه ( تبعه ) لأن استدراكه الفائتة إذن يؤدي إلى فوت ركعة غيرها. انتهى.
ثم إن الذين جلسوا مع الإمام حتى سلم ثم أتموا صلاتهم لا إشكال في أمرهم ولا سجود عليهم ، أما الذين قاموا ظنا منهم أن الإمام قام للرابعة حتى سلم، فقد كان عليهم الرجوع للجلوس ليقوموا لإتمام صلاتهم منه.
قال النووي في المجموع وهو يتكلم عن المسبوق إذا قام لإكمال صلاته ظانا أنه الإمام قد سلم ولم يكن كذلك : ولو كانت المسألة بحالها - أي قام المسبوق ظانا أنه الإمام قد سلم - فسلم الإمام وهو قائم فهل له أن يمضي في صلاته أم يلزمه أن يعود إلى القعود ثم يقوم منه؟ فيه وجهان أصحهما الثاني ، فإن جوزنا المضي وجب إعادة القراءة، فلو سلم الإمام في قيامه لكنه لم يعلم الحال حتى أتم الركعة، فإن جوزنا المضي فركعته محسوبة ولا يسجد للسهو، وإن قلنا يلزمه القعود لم يحسب ويسجد للسهو لأنه أتى بزيادة بعد سلام الإمام. انتهى
وحيث إنهم أتموا صلاتهم ولم يرجعوا للجلوس ليقوموا للقضاء منه كما هو المطلوب، فإن كانوا سمعوا سلام الإمام قبل قراءتهم الفاتحة صحت صلاتهم بناء على القول بجواز المضي هنا، وكذا إن أعادوا القراءة بعد سلامه، إن كانوا قد قرؤوا قبل سلامه، وإن كان سلم الإمام بعد قراءة الفاتحة فمفهوم ما ذكره النووي يدل على وجوب قضاء تلك الصلاة، ولا شك انه أحوط وأبرأ للذمة. وانظر الفتوى رقم: 128265.
وقد اختلف أهل العلم في صحة الاقتداء إذا كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع رؤية الإمام أو من وراءه، وقد رجحنا صحة الاقتداء إذا كان يسمع صوته أو صوت من يسمع عنه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 52058.
والله أعلم.