هل يأثم الملتقط إذا مضت سنة دون تعريف اللقطة وما الذي يلزمه حينئذ

0 314

السؤال

وجد أحد أبناء عمومتي الصغار ساعة من ماركة أورينت الغالية الثمن بجوار المسجد، وسألوا من يتوقعون أن تكون مملوكة له، فلم يجدوا لها صاحبا، فأخذتها منهم بنية تعريفهاعن طريق كتابة ملصقات على مداخل المساجد والأماكن العامة، ولكنني بعد كتابة الملصقات تراخيت وتكاسلت ونسيت الساعة معي في درجي الخاص وحتى هذا اليوم لم أقم بتعريف هذه الساعة، علما بأنها التقطت منذ شهر إبريل 2010 أي منذ أكثر من عام، فهل على ذنب في ذلك؟ وهل يصلح أن أبدأ في تعريفها الآن لمدة عام قادم؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان الواجب على أولياء هذا الصبي أن يعرفوا هذه اللقطة حولا كاملا، فإن لم يجدوا ربها دخلت في ملك الصبي, ولا يكفي مجرد السؤال عن صاحبها حتى تعرف حولا كاملا، لقوله صلى الله عليه وسلم: اعرف عفاصها ووكاءها وعرفها سنة.

فإن كنت قد وكلت في تعريفها هذه السنة ثم تركته حتى انقضى الحول، فإن كان ذلك لغير عذر فقد أثمت بذلك عند بعض العلماء كما يأتي بيانه, ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى, وإن كان لعذر كنسيان فنرجو أن لا إثم عليك, ثم الأولى أن تقوم بتعريف هذه اللقطة حولا كاملا, أو حولا تستثنى منه المدة التي استغرقها واجدها في تعريفها أولا كما هو قول العلماء على ما يمر بك ـ إن شاء الله ـ وبخاصة إن كان يرجى معرفة ربها, وفي دخولها في ملك واجدها بعد التعريف إن لم يوجد ربها خلاف, والأحوط الصدقة بها عنه, هذا خلاصة ما نراه في هذه المسألة, وزيادة للإيضاح نقول: اعلم أن العلماء اختلفوا هل يشترط أن يكون تعريف اللقطة تاليا للالتقاط، أو يجوز متراخيا عنه؟ فجوز الشافعية أن يكون التعريف متراخيا عن الالتقاط وعليه، فلا إثم عليك فيما حصل بكل حال وعليك أن تعرف هذه اللقطة سنة مع بيان الوقت الذي التقطت فيه ثم تكون بعد السنة ملكا لواجدها, قال في مغني المحتاج: تنبيه أفهم قوله ثم يعرفها أمرين: أحدهما أن المبادرة بالتعريف عقب الالتقاط لا تجب وهو كذلك على الأصح في أصل الروضة، وقال البلقيني محل جواز التأخير ما لم يتعرضوا له اهـ. وهذا ظاهر، وإذا لم يوجب المبادرة ينبغي كما قال بعض المتأخرين أن يؤرخ وجدان اللقطة في تعريفه ويسنده إلى وقته حتى يكون ذلك في معاوضة ما جرى من التأخير المنسي. انتهى.
ثم اختلفوا بعد ذلك هل لابد أن تكون السنة متوالية ومن ثم فلا تعتبر المدة التي استغرقها أولياء الصبي في تعريفها أولا، بل تستأنف حولا جديدا, أم تكفي سنة مفرقة, قال الخطيب رحمه الله: ولا تكفي في التعريف سنة متفرقة في الأصح في المحرر وعبارته والأحسن، لأن المفهوم من السنة في الخبر التوالي كما لو حلف لا يكلم زيدا سنة وعلى هذا إذا قطع التعريف مدة استأنف ولا يبني قلت: الشربيني: الأصح تكفي السنة المفرقة في التعريف والله أعلم، لإطلاق الخبر وكما لو نذر صوم سنة فإنه يجوز تفريقها. انتهى.

وأما الحنابلة فذهبوا إلى وجوب التعريف في الحول الأول، قال في المغني: إذا أخر التعريف عن الحول الأول مع إمكانه أثم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به والأمر يقتضي الوجوب وقال في حديث عياض بن حمار لا تكتم ولا تغيب، ولأن ذلك وسيلة إلى أن لا يعرفها صاحبها، فإن الظاهر أنه بعد الحول ييأس منها ويسلو عنها ويترك طلبها .انتهى.

وعليه، ففي وجوب تعريفها حولا آخر وجهان أصحهما أنه لا يجب، بل يسقط التعريف لفوات الحكمة منه والأولى لك إن كنت ترجو معرفة ربها أن تعرفها، وعلى القول بسقوط التعريف حولا آخر ـ كما هو المعتمد في مذهب الحنابلة ـ فإنها لا تملك بذلك, بل يتصدق بها عن صاحبها، وإنما قلنا يتصدق بها عنه، لأن شأنها والحال هذه شأن كل مال جهل صاحبه وحصل اليأس من معرفته, وهو أولى من القول بأنه يحبسها عنده أبدا, قال في كشاف القناع: ولو أخر الملتقط التعريف عن الحول الأول أثم وسقط، أو أخره بعضه أي بعض الحول الأول أثم الملتقط بتأخيره أي التعريف لوجوبه على الفور كما تقدم وسقط التعريف، لأن حكمة التعريف بعد لا تحصل بعد الحول الأول فإذا تركه في بعض الحول عرف بقيته فقط ـ ك ـ ما يأثم بالتقاطه بنية تملكه، أو بالتقاط ما لم يرد تعريفه وتقدم ولا يملكها أي اللقطة إذا لم يعرفها في الحول الأول بالتعريف بعد الحول الأول، لأن شرط الملك التعريف فيه ولم يوجد، وهل يتصدق بها، أو يحبسها عنده أبدا؟ على روايتين وكذا لو تركه أي التعريف فيه أي الحول الأول عجزا كمريض ومحبوس، أو تركه فيه نسيانا فلا يملكها به بعده، لأن تعريفها في الحول الأول سبب الملك والحكم ينتفي لانتفاء سببه سواء انتفى لعذر، أو غيره وهذا أحد وجهين:

الوجه الثاني: يملكها بتعريفها حولا بعد زوال العذر لأنه لم يؤخر التعريف عن وقت إمكانه فأشبه ما لو عرفها في الحول الأول, أو وجدها صغير ونحوه كسفيه فلم يعرفها وليه الحول الأول فلا يملكها لانتفاء سبب الملك كما تقدم. انتهى.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة