الكذب بين الحرمة والإباحة والوجوب

0 272

السؤال

يجيز بعض الناس الكذب في الأقوال، ويقول بأنه جائز شرعا، إن كان يتعلق بمصلحة شخصية أو جلب منفعة أو دفع ضر خوف وقوع فتنة، تكون نتيجة إعلان الحقيقة وإفشاء سر من الأسرار، فيقول بأن لو لم يظهر سرا أو كذب كذبة لستر على نفسه، ولما قامت الفتنة، وقد قرأت في بعض الكتب ومنها كتاب الكبائر للإمام الذهبي رحمه الله أن الكذب كبيرة من الكبائر ولو كان في أغلب أقواله، وقد قيل إنه ليس هناك في الإسلام ما يسمى بكذبة بيضاء وكذبة سوداء، فأريد أن أسألك هل يجوز الكذب في المصالح أو لضرورة حجب الحقيقة عن من يريد الاطلاع عليها حتى لا تقوم بانكشافها فتنة، وإن كان الكذب محرما، هل تحريمه يعتبر تحريما مطلقا؟ بمعنى هل يعتبر حراما افتراء الكذب وحجب الحقيقة في أغلب الأحوال والأقوال كما قال بذلك الذهبي؟ أم هل تحريمه يعتبر تحريما غير مطلق بمعنى أنه تحريم ظرفي يتعين الكذب في حين دون آخر إذا استدعى الأمر كذلك. الرجاء الإفادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فلا شك أن الأصل هو حرمة الكذب، إلا أن الشرع الحنيف قد أباحه في مواطن تكون المصلحة فيها متمحضة أو هي أكبر وأعظم، ومن ذلك حديث: أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمي خيرا. متفق عليه. زاد مسلم في رواية: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.

وألحق أهل العلم بذلك كل مقصود محمود لا يمكن أن يتوصل إليه إلا بالكذب، فالكذب فيه مباح إذا كان تحصيل ذلك المقصود مباحا، وواجب إذا كان المقصود واجبا، إلا إنه ينبغي أن يحترز عنه ويوري بالمعاريض مهما أمكن، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 110634، 110606، 130351، 75026.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة