السؤال
سيدي، أنا متزوجة ولي ابنة تبلغ من العمر سنتان، مضطرة لتركها في منزل عائلتي لأني أعمل و أتغيب عنها ليوم كامل، ومشكلتي أنها متعلقة بوالدي كثيرا وهو أيضا يحبها لكنه وللأسف يعاقر الخمرة ليس في النهار طبعا، ولا يقوم بواجباته الدينية من صلاة وصوم، كما أنه عصبي المزاج ويتخاصم مع أمي أمامها ويسب أحيانا الجلالة في حضورها، وقد أصبحت لا أنام الليل خوفا من أن تتأثر به في سلوكها، وفضلا عن ذلك فإن والدي لا يقبل النصيحة ويعتقد أن ما يفعله هو الصحيح ونحن المخطئون، مع العلم أنه ليس لي مكان آخر أضعها فيه ولا أستطيع ترك العمل وأنا أشتغل في مجال غير اختصاصي، وأتمنى من الله أن يمن علي بعمل في اختصاصي حتى أقضي مع ابنتي وقتا أطول. فهل من سبيل لهدايته؟ وماذا أفعل؟ وكيف أتصرف فأنا في حيرة شديدة من أمري. أعينوني جزاكم الله خيرا فأنا أريد أن تنشأ ابنتي في بيئة إسلامية نظيفة. ادعوا لي. و أرجو إجابتي في أسرع وقت وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا حال والدك وهو أنه يسب الدين فأمره خطير وهو بذلك يعتبر مرتدا عن الإسلام، وراجعي الفتويين: 12447 ، 23340. وترك الصلاة، والتفريط في الصوم، وشرب الخمر ذنب عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب، وكفى بالكفر جرما وإثما.
واعلمي أن من أعظم برك بوالدك وإحسانك إليه سعيك في سبيل هدايته، بالدعاء والتضرع إلى الله أولا ثم بالاستعانة بأهل العلم والفضل والمقربين إليه ممن يثق فيهم ويسمع كلامهم، عسى الله تعالى أن يجعلكم سببا في هدايته، وأعظم بذلك من قربة، ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
وأما بالنسبة لابنتك هذه فإن لم تكوني في حاجة إلى العمل فقرارك في بيتك وحرصك على رعايتها خير لك، فهي بلا شك في حاجة إلى عطفك وحنانك، والمرأة المشغولة لن تجد الوقت الكافي للإشراف على أولادها والعناية بهم، وما أصدق قول القائل:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من * هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له * أما تخلت أو أبا مشغولا
وأما إن كنت في حاجة إلى العمل فابحثي لها عن بيئة صالحة تضعينها فيها، فإن الطفل يتأثر كثيرا بما يرى ويسمع.
قال أبو بكر بن العربي : إن الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش، وقابل لكل ما يمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، يشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأهمل شقي وهلك...اهـ.
وابنتك هذه وإن كانت لا تزال في سن صغيرة إلا أنها يمكن أن تتأثر بما ترى وتسمع فينطبع ذلك في ذهنها ويكون له الأثر البالغ في مستقبل أيامها. فلا ننصحك بتركها إذن في بيت عائلتك ما دام أبوك على الحال المذكور، بل ابحثي لها عن حاضنة صالحة أمينة ولو في مقابل أجرة تدفعينها إليها.
والله أعلم.