اشتراط بائع العقار أن يسكن فيه بالإيجار مدة حياته

0 271

السؤال

امرأة سبعينية في العمر، هي آخر أخواتها الثلاث، وكلهن بنات، ولم ينجبن جميعا، ولذلك فهي لا خالة لها ولا عمة، وهذه المرأة تسكن في شقة فارهة، وتريد أن تجعلها صدقة جارية بعد وفاتها، فقال لها البعض أن تبيع الشقة بيعا حقيقيا، وتقبض الثمن وتعمل به صدقة جارية كما يحلو لها، وفي نفس الوقت تمكث في هذه الشقة بعقد إيجار، والمشتري قبل هذا، علما بأنها وضعت من ثمن الشقة تسهيلا للبيع، وأيضا لن تدفع قيمة الإيجار بالعقد المحرر إلى حين وفاتها، ثم يستلم المشتري شقته. فهل هذه الصورة صحيحة من الناحية الشرعية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج على هذه المرأة في أن تبيع شقتها في حال حياتها وصحتها ورشدها، ثم تجعل بعض ثمن الشقة صدقة جارية، وتؤجر ببعض الثمن نفس شقتها أو تشترط على المشتري منفعة الشقة مدة معينة، فكل هذا لا حرج فيه لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه اشترى من جابر -رضي الله عنه- بعيره وهما في سفر فاشترط جابر حملانه إلى المدينة، قال ابن قدامة في الشرح الكبير: والثالث أن يشترط نفعا معلوما في المبيع كسكنى الدار شهرا، وحملان البعير إلى موضع معلوم، أو يشترط المشتري نفع البائع في المبيع كحمل الحطب أو تكسيره أو خياطة الثوب أو تفصيله، ويصح أن يشترط البائع نفع المبيع مدة معلومة مثل أن يبيع دارا ويستثني سكناها سنة، فهذا لا حرج فيه. اهـ.

وأما لو كان الشرط أنها تبقى بالشقة بقية عمرها، فهذا لا يجوز لجهالة المدة، فقد يطول عمرها وقد يقصر، فالغرر حاصل في هذا الشرط، وبالتالي فلا يصح عقد البيع وفق ذلك، لما فيه من الغرر، وقد: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر. كما رواه مسلم في صحيحه.

وبالتالي، فإما أن تبيع الشقة بثمن معلوم، وتستثني منفعتها مدة معلومة، وهذا لاحرج فيه، أو توصي بثلث الشقة بعد موتها ليكون وقفا على الفقراء والمساكين أو ما تحدده ليصرف فيه، وأما الوصية بالزائد على الثلث، فإنها لا تمضي ما لم يجزها الورثة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة