حد الضرورة التي تبيح البقاء في وظيفة محرمة

0 218

السؤال

أنا موظف إداري بشركة بترول، ومن ضمن واجبات عملي إصدار طلبات تصاريح الخمور للمسيحيين، ومن ثم يأخذونها بأنفسهم للشرطة ليستخرجوا التصاريح، وسؤالي: هل أأثم على ذلك رغم أنني مجبور، وقد يؤثر امتناعي على وظيفتي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالخمر هي أم الخبائث، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها. رواه أبو داود.
فلا يجوز شربها ولا الإعانة عليه بأي وجه من الوجوه، لأن اللعنة لم تقتصر على شاربها وحده، بل شملت من أعانه على ذلك، وإصدار طلبات تصاريح الخمور ولو للكافر من الإعانة على تناول أم الخبائث وهي محرمة عليه، وأما كونك مجبور على ذلك فهذا ليس عذرا ما لم تكن مضطرا للبقاء في ذلك العمل الذي تجبر فيه على إصدار تلك التصاريح، قال تعالى: وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه {الأنعام: 119}. وقال تعالى: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه {البقرة: 173}.

وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، والضرورة ـ في حال ثبوتها ـ تقدر بقدرها، وحيث زالت الضرورة فلا يجوز ارتكاب المحظور ويرجع الأمر إلى أصله، وهو التحريم القاطع، وبالتالي فإن كنت مضطرا للبقاء في ذلك العمل الذي تكلف فيه بأمر محرم ولا تستطيع تركه مباشرة لتعول نفسك وعيالك ولا تجد غيره فلك البقاء بقدر ما تدفع الضرورة وتزول به الحاجة فقط، فتبحث عن عمل غيره ومتى وجدته أو زالت حاجتك حرم عليك البقاء فيه، وإن لم تكن مضطرا أصلا ـ بالمعنى الذي بيناه ـ فليس لك الاستمرار في هذا العمل، وتجب عليك التوبة مما كنت تمارسه منه. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى