الرضاعة بين الأقارب فوائد ومحاذير

0 344

السؤال

قد سألتكم من قبل بشأن أمر إرضاع أولاد الخالة ولم أفهم من الفتوى المغزى من الرد. وكان سؤالي ملخصه ثلاثة أمور هي: أولا: بناء على حديث الرسول عليه الصلاة والسلام بنصحه بعدم زواج الأقارب، ثانيا: أن أهل أم زوجتي بسبب زواج الأقارب فيها أصيبوا بأمراض وراثية منها ضعف في السمع وأمور مشابهة بالإضافة إلى أن والدهما لديه مرض السكر، ثالثا: بناء على روح التآخي التي ستنتج عن روح الأخوة في الرضاعة سنكون بيتا كبيرا والأطفال في البيتين أولادنا لنكون بيتا مسلما كبيرا ـ بإذن الله ـ وقد اقترحت أسرتي وأسرة أخت زوجتي بأن يرضعن أولادنا ليكونا إخوة في الرضاعة عملا بنصيحة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وتجنبا للأمراض الوراثية، وسعيا للأمر الثالث لكن الأبوين في أسرتي وأسرة زوجتي قالوا لماذا؟ قد تتسببون في منعهم من زواجهم حين يكبرون، فما رأيكم؟ أرجو التفصيل، لأن الرسالة السابقة لم أفهم منها شيئا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليكم في إرضاع بعضكم أولاد بعض ليقع ما ترجونه من التآخي والتزاور والتلاحم، ولئلا يكون هنالك حرج فيما بين الأبناء والبنات إذا كبروا، لأنهم سيكونون محارم وإخوة في الرضاع، وكلها مقاصد نبيلة وغايات محمودة، وتساؤل الآباء في محله من حيث ما ذكروا وهو أن الرضاع قد يحرم بعضهم من الزواج ببعض، وذلك أمر ينبغي اعتباره ومراعاته، لكنه ليس مانعا من الرضاع، لأن بعضهم قد لا يرغب في الزواج من بعض فتفوت عليهم المحرمية، ولا شك أن أخوة الرضاع رابطة قوية، ولا سيما بين الأقارب والجيران، لأن الأبناء يتربون مع بعض ويكبرون مع بعض ويتآلفون كالإخوة، فلو وضع الحجاب بينهم فيما بعد لعدم المحرمية لكان في ذلك مشقة عليهم وحرج ينبغي دفعه بالرضاع وهم في أوانه، ولقد استحب الفقهاء في الزوجة أن تكون غريبة بمعنى أنها لا تكون قريبة، قال ابن قدامة المغني: ويختار الأجنبية فإن ولدها أنجب، ولهذا يقال: اغتربوا لا تضووا، يعني أنكحوا الغرائب لئلا تضعف أولادكم، وقال بعضهم: الغرائب أنجب وبنات العم أصبر، ولأنه لا تؤمن العداوة في النكاح وإفضاؤه إلى الطلاق، فإذا كانت قرابته أفضى إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها. 
لكن زواج الأقارب جائز شرعا، لقوله تعالى: يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك {الأحزاب: 50}.
وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش، وهي ابنة عمته، وزوج ابنته فاطمة بابن عمه علي بن أبي طالب، ولم يزل السلف والمسلمون يتزاوجون من أقاربهم، وما يثار عن مسألة الأمراض الوراثية ذكر كثير من الباحثين أنه لا يمكن جعله قاعدة وأنه قد يقع، لكنه ليس حتميا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة