السؤال
أرجو شرح معنى العلة التي من قبيل التنبيه والإيماء عند الآمدي ـ رحمه الله ـ حيث قال: المسلك الثالث ما يدل على العلية بالتنبيه والإيماء وذلك بأن يكون التعليل لازما من مدلول اللفظ وضعا لا أن يكون اللفظ دالا بوضعه على التعليل؟ أرجو توضيح التعريف بشكل دقيق، وما الفرق بين قوله الأول: وضعا ـ وقوله الثاني: بوضعه ـ وهل أفهم من كلامه أن العلة هذه هي من قبيل اللغة العربية؟ أرجو التوضيح، وبارك الله فيكم مرة أخرى.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا التعريف واضح، ولا فرق بين قوله أولا وضعا وقوله ثانيا بوضعه، إذ مراد الآمدي ـ رحمه الله ـ أن دلالة الإيماء تحصل بطريق الالتزام لا بدلالة صريح اللفظ، فمسلك الإيماء يفهم العلية من جهة المعنى لا من جهة اللفظ، ولذا قال الآمدي: لا أن يكون اللفظ دالا بوضعه على التعليل.
ويوضح هذا ما ذكره الزركشي في البحر المحيط وعبارته: المسلك الثالث الإيماء والتنبيه ـ وهو يدل على العلية بالالتزام، لأنه يفهمها من جهة المعنى لا اللفظ، وإلا لكان صريحا، ووجه دلالته أن ذكره مع الحكم يمنع أن يكون لا لفائدة، لأنه عبث، فتعين أن يكون لفائدة، وهي إما كونه علة أو جزء علة أو شرطا، والأظهر كونه علة، لأنه الأكثر في تصرف الشارع. انتهى.
وقوله هنا: ووجه دلالته أن ذكره مع الحكم يمنع أن يكون لا لفائدة، لأنه عبث ـ زاده العلامة الشنقيطي إيضاحا وعبارته في بيان مسلك الإيماء والتنبيه الذي هو أحد مسالك العلة: ج ـ وأما دلالة الإيماء والتنبيه فهي لا تكون إلا على علة الحكم خاصة وضابطها: أن يذكر وصف مقترن بحكم في نص من نصوص الشرع على وجه لو لم يكن ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيبا، ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال له: هلكت واقعت أهلي في نهار رمضان، أعتق رقبة ـ فلو لم يكن ذلك الوقاع علة لذلك العتق كان الكلام معيبا وكل هذه الثلاثة ـ أي دلالة الاقتضاء والإشارة والإيماء والتنبيه ـ من دلالة الالتزام. انتهى.
وهذا التعريف للإيماء والتنبيه الذي ذكره الآمدي وغيره من العلماء هو التعريف الاصطلاحي الأصولي لا التعريف اللغوي، وللإيماء والتنبيه أمثلة وأنواع بينها العلماء في تصانيفهم بمطالعتها وتكرار النظر فيها يزداد التعريف وضوحا.
والله أعلم.