0 400

السؤال

لقد اشتريت شريحة جوال برقم مميز باسمي ثم استخدمته لأكثر من سنة ثم جاءتني بعض الوساوس أنني سوف أحسد بسبب هذا الرقم المميز فقررت التخلص من هذا الرقم فأعطيته أحد أقاربي دون مقابل مالي، ثم بعدها بأسبوع جاءتني وساوس وشك في زوجتي أنها سوف تتصل بذلك الشخص من غير علمي ـ والعياذ بالله ـ مع العلم أن زوجتي بعيدة كل البعد عن مثل هذه التصرفات فزاد الاكتئاب علي وزادت الوساوس وكرهت نفسي وحياتي وعملي فقررت استرجاعه منه، فطلبت منه إرجاعه ففعل ـ جزاه الله خيرا ـ فهل أنا على حق عندما استرجعته منه؟ وهل استرجاعي له حرام؟ وهل يجوز لي استخدام هذه الشريحة؟ وهل ما زالت ملكي؟ مع العلم أن قريبي وضعه باسمه عندما أخذه، وعندما استرجعته وضعته باسمي مرة ثانية، مع العلم أن إرجاعي لهذه الشريحة كان غصبا عني بسبب هذه الوساوس والشكوك، وأحيانا تأتيني وساوس أن هذا الشريحة حرام علي وأي تعاملات مالية تتم من خلالها فهي حرام والمال الذي أكسبه حرام أيضا، لأنني استرجعتها، فماذا أفعل؟ فمثلا أنا متردد في أخذ قرض لشراء بيت والسبب أن هذا القرض سيكون حراما والبيت الذي سوف أسكنه حرام بسبب هذه الشريحة؟ فهل أقدم على أخذ هذا القرض وشراء البيت؟ فأنا متردد لأنني لو أخذت المبلغ وهو مبلغ كبير ثم أصبح هذا المبلغ حراما وقد اشتريت به البيت فكيف أتخلص من هذا البيت، أحدث نفسي بهذا، فهل أقوم باستخراج شريحة أخرى وأستخدمها لهذا الغرض وأتلف الشريحة الحالية؟ مع العلم أنني لا أقدر على التخلص من هذه الشريحة لأنني أخاف أن يأخذها ذلك الشخص ثم تأتيني الوساوس والشك مرة ثانية في زوجتي من جديد، فماذا أفعل فأنا حيران جدا؟ مع العلم أن هذا الشخص صاحب خلق ومع العلم أنني أعاني من وساوس قهري وآخذ دواء نفسيا له منذ مدة طويلة، فأي عمل أقدم عليه فإن هذه الوساوس تنتابني بالسلب بخصوص هذا العمل وتكدر علي صفو حياتي ثم ما ألبث أن أندم لأني قمت بهذا العمل، والذي حيرني كثيرا وأقلقني وكدر علي كثيرا عندما سألت قسم الفتاوي الحية عن هذا الموضوع قالوا لي الرجوع في الهبة حرام مع أن رجوعي كان بفعل الوساوس والشكوك التي انتابتني؟ أفتوني مأجورين في هذا الشأن؟..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فيقال من عرف الداء سهل عليه الدواء، وداؤك هو الوسوسة -كما ذكرت- وهي من الشيطان ولا علاج لها غير الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها والاستعاذة بالله منها واللجوء إليه بالدعاء، فهي داء وأي داء ولوتجاوب المرء معها ستؤدي به إلى ما لا تحمد عاقبته، جاء في كتاب التاج والإكليل من كتب المالكية: وسمع عيسى أيضا في رجل توسوسه نفسه فيقول: قد طلقت امرأتي أو يتكلم بالطلاق وهو لا يريده أو يشككه فقال: يضرب عن ذلك ويقول للخبيث: صدقت ولا شيء عليه. اهـ.

وفيه أيضا: هذا مثل ما في المدونة أن الموسوس لا يلزمه طلاق وهو مما لا طلاق فيه، لأن ذلك إنما هو من الشيطان فينبغي أن يلهى عنه ولا يلتفت إليه كالمستنكح في الوضوء والصلاة فإنه إذا فعل ذلك أيس الشيطان منه فكان ذلك سببا لانقطاعه عنه ـ إن شاء الله. انتهى.

وقال السيوطي في الديباج: وقيل: إن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه. اهـ.

وقال النووي: إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله في دفع شره عنه وليعرض عن الفكر في ذلك، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان، وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء، فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته، وليبادر إلى قطعها بالانشغال بغيرها. اهـ.

فهذه كلمة أهل العلم متفقة على لزوم الإعراض عن هذا الداء وأنه من الشيطان وأن سبيل التخلص منه بالكف عنه وعدم التمادي فيه.

وأما مسألة الشريحة: فما كان ينبغي لك استرجاعها، بل عليك أن تحتال في ردها لصاحبك، لأن الجمهور حرموا العود في الهبة؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لأحد أن يعطى عطية فيرجع فيها؛ إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي وصححه الألباني. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. رواه مسلم.

وقد سئل ابن باز ـ رحمه الله: ما حكم من رجع في هبته وهو أنه أعطى رجلا مبلغا من المال على سبيل الهبة ثم رجع فيه؟ فأجاب: حكمه أنه آثم وعليه التوبة من ذلك، ورد الهبة إلى صاحبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه ـ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده. انتهى.

وقد كان يمكنك لقطع الوسوسة إعلام زوجتك بأنك غيرت شريحتك وأعطيت الرقم السابق لشخص آخر وبذلك ـ إن شاء الله ـ تضمن عدم اتصال زوجتك بالرقم السابق، ولا تأثير لهذه الشريحة في حال الاتصال بها على  معاملاتك وحرمتها أو حلها فاصرف التفكير عن ذلك ولا تتماد فيه.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة