السؤال
طهرت من الحيض ليلة غرة شهر رمضان الجاري، وعصر ذلك اليوم استيقظت من نومي فأدخلت منديلا في المنطقة لأتأكد من انتهائي ولم يخرج أي شيء على الإطلاق -فقط كأنني أتذكر اني رأيت سائلا شفافا ولست متأكدة من ذلك - تأكدت أني فرغت خاصة عند إكمالي 7 أيام. طبيعة عادتي الشهرية.
بعد ذلك استحممت وكنا قد هممنا بالسفر لأداء العمرة، قبل خروجنا من المنزل نزلت قطرتان بلون بني فاتح وغلب على ظني أنه شيء من الكدرة، فخرجنا ووصلنا الميقات وأحرمنا، وعند وصولنا مكة وجدت أنه لا زال هناك شيء بني فاتح، فسكت وغلب على ظني أنها كدرة لأنه نادرا ما يحدث مثل هذا، وإذا حدث فإني أصلي وأصوم ثم انتهينا من العمرة، ومن ذلك الوقت والشيطان يأتيني ويقول إن عمرتي لم تقبل وأنا حزينة جدا لذلك.
وأيضا ذهبت لأصلي القيام وقبل خروجي من المنزل وجدت نقطة بنية فاتحة جدا لم أهتم لأمرها كثيرا، ومضيت لأصلي وبعد أن عدت وجدت شيئا بنيا غامقا يعني أنه حيض فبكيت لحالي وشعرت أني غير موفقة لأداء الطاعات. ولا أدري هل صلاتي باطلة أم لا؟ وهل أنا مذنبة في شيء؟ أفتوني مأجورين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الطهر يقع بواحد من أمرين: رؤية القصة البيضاء، أو الجفوف, فإن طهرت برؤية القصة البيضاء أو الجفوف فقد حصل الطهر.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن كلا من القصة البيضاء والجفوف علامة للطهر، فإذا رأت المرأة أيا منهما عقب الحيض طهرت به، سواء كانت المرأة ممن عادتها أن تطهر بالقصة أو بالجفوف. اهـ.
وما رأيته بعد الطهر وانتهاء عادتك من الكدرة لا عبرة به في القول المفتى به عندنا؛ لقول أم عطية رضي الله عنها قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. رواه البخاري, وأبو داود واللفظ له.
جاء في الموسوعة الفقهية: واختلف الفقهاء في الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض. فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنهما ليسا بحيض في غير أيام الحيض، لقول أم عطية: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. وذهب المالكية والشافعية إلى أنهما حيض إذا رأتهما المعتادة بعد عادتها، فإنها تجلس أيامهما عند الشافعية، وتستظهر بثلاثة أيام عند المالكية. اهـ.
والقول الأول هو المفتى به عندنا والمرجح لقوة دليله, وعلى هذا فالكدرة التي رأيتها ليست حيضا، وعمرتك صحيحة إلا إذا كان ما رأيته دما متجددا وليس مجرد كدرة وصفرة, فإن الدم المتجدد أحيانا يكون حيضا تابعا للدم لأول, وأحيانا يكون حيضا جديدا, وأحيانا يكون دم استحاضة لا حيض كما فصلناه في الفتوى رقم 100680, وفي حالة ما إذا كان حيضا فإن طوافك للعمرة غير صحيح لأن الطواف يشترط له الطهر من الحيض عند جمهور العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: افعلي ما يفعل الحاج, غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري. متفق عليه.
ويترتب على هذا أنك ما زلت باقية على إحرامك، ويلزمك اجتناب محظورات الإحرام والعودة إلى مكة للطواف والسعي, وما فعلته من محظورات الإحرام جهلا معفو عنه ولا تلزمك به فدية, وإن تعذر عليك الرجوع إلى مكة بكل حال فحكمك حكم المحصر, تنحرين هديا في مدينتك ثم تقصرين من شعرك قدر أنملة وتتحللين وقد فاتتك العمرة, وانظري التفصيل في الفتوى رقم 140656عما يلزم من اعتمرت وهي حائض وكتمت أمرها حياء .
هذا ومن أهل العلم من يرى صحة طواف الحائض مع وجوب ذبح دم جبرا لواجب الطهارة، ومن ضاق بها الأمر لا حرج عليها في الأخذ بهذا المذهب.
والله تعالى أعلم