شرح حديث: اعدد ستا بين يدي الساعة

0 853

السؤال

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر الخولاني، ثنا عبيد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن هلال عن أبان بن صالح، عن الشعبي، عن عوف بن مالك الأشجعي ـ رضي الله عنه ـ قال: بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قبة من أدم، إذ مررت، فسمع صوتي، فقال: يا عوف بن مالك ادخل، فقلت: يا رسول الله، أكلي أم بعضي؟ فقال: بل كلك، قال: فدخلت، فقال: يا عوف، اعدد ستا بين يدي الساعة، فقلت: ما هن يا رسول الله؟ قال: موت رسول الله، فبكى عوف، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قل: إحدى، قلت: إحدى، ثم قال: وفتح بيت المقدس، قل: اثنين، قلت: اثنين، قال: وموت يكون في أمتي كعقاص الغنم، قل: ثلاث، قلت: ثلاث، قال: وتفتح لهم الدنيا حتى يعطى الرجل المائة فيسخطها، قل: أربع، قلت: أربع، وفتنة لا يبقى أحد من المسلمين إلا دخلت عليه بيته، قل: خمس، قلت: خمس، وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، يأتونكم على ثمانين غاية، كل غاية اثنا عشر ألفا، ثم يغدرون بكم، حتى حمل امرأة، قال: فلما كان عام عمواس، زعموا أن عوف بن مالك قال لمعاذ بن جبل: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال لي: اعدد ستا بين يدي الساعة، فقد كان منهن الثلاث وبقي الثلاث، فقال معاذ: إن لهذا مدة، ولكن خمس أظللنكم من أدرك منهن شيئا، ثم استطاع أن يموت، فليمت: أن يظهر التلاعن على المنابر، ويعطى مال الله على الكذب والبهتان، وسفك الدماء بغير حق، وتقطع الأرحام، ويصبح العبد لا يدري أضال هو أم مهتد ـ هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة.
في هذا الحديث الشريف ما المقصود بـ: ثم يغدرون بكم حتى حمل امرأة ـ ما ذا يعني حتى حمل امرأة؟ ثم ما المقصود بالعبارة: من أدرك منهن شيئا، ثم استطاع أن يموت فليمت؟ وهل المقصود هنا الموت في الجهاد أم ماذا بالضبط؟ وفي آخر الحديث: ويصبح العبد لا يدري أضال هو أم مهتد؟ كيف يكون العبد ضالا أم مهتد؟ أيكون عندها الإسلام موجودا؟ أم سيكون عندها الإسلام غريبا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث قد رواه الحاكم في موضع آخر من المستدرك من وجه آخر عن عوف بن مالك، بلفظ: والسادسة هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيجتمعون لكم قدر حمل امرأة، ثم يغدرون بكم ـ وبنحو ذلك رواه الداني في السنن الواردة في الفتن والطبراني في المعجم الكبير، وأبو نعيم في معرفة الصحابة.

وعلى هذا، فمعنى الحديث أن قدر المدة التي يجتمع فيها الروم تكون كقدر حمل المرأة، وهي تسعة أشهر، وللحديث شاهد ينص على هذا، رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو، ولفظه: وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر يجمعون لكم تسعة أشهر كقدر حمل المرأة.

وأما عبارة: من أدرك منهن شيئا ثم استطاع أن يموت فليمت ـ فليس معناها كما فهم الأخ السائل، وإنما هي لبيان كثرة الشرور والفتن وشدة البلاء وغلبة الفساد على هذا الزمان، حتى يتمنى الموت أهل الخير والصلاح، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه. متفق عليه.

وفي رواية لمسلم: والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر وليس به الدين إلا البلاء.
وكذلك عبارة: ويصبح العبد لا يدري أضال هو أم مهتد؟ تدور في هذا الفلك، فإن من أشراط الساعة الثابتة: قلة العلم وظهور الجهل وموت العلماء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل. متفق عليه.

ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 154963.

ولا شك أن ذلك مما يوقع في الاضطراب والحيرة، فتعرض للمرء عندها أمور وأحوال لا يدري ما وجه الصواب فيها، فلا يعلم أمهتد هو أم ضال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات