السؤال
الإخوة الأعزاء . تحية طيبة، وبعد.
نحن 4 أولاد وأنا أكبرهم وعمري 40 عاما، ولي أخ أصغر ويبلغ من العمر 30 عاما ويسكن مع والدي ووالدتي وأخواتي في نفس المنزل، حيث إن والدي رجل كبير في السن 80 عاما أما والدتي فهي 60 عاما وهي مريضه وبالكاد تقوى على التنقل بين أرجاء المنزل ولكن لازالت مع كل هذا تقوم بخدمة والدي وإخوتي المتواجدين في المنزل.
أما عن أخي فهو يعامل والدتي معاملة سيئه جدا ولا يطيق لها كلمة، وإذا نصحته قال لها لا تتدخلي أو مالك شغل، ويسبها ويشتمها بشتائم( يستحي الانسان أن يشتم بها زانية أو كافر ) علما أنه لا يتعاطى المسكرات أو أشياء من هذا القبيل.
وحاولنا أنا وأخواتي مرارا وتكرارا نصحه بالتي هي أحسن ولكن للأسف دون جدوى، ويعلل سبه وشتمه لوالدتي بأنها دائمة الكلام حيث إنه عاطل عن العمل ويشرب الشيشه في المنزل، ولا يحترم من في المنزل وما إلى ذلك وتحاول دائما نصحه، ولكن كما أسلفت لا يطيق لها كلمة.
وبعد هذا وحيث إني لم أجد أي فائدة من نصحه قررت تهديده بأني سوف أرفع عليه قضية في المحكمة بعقوق الوالدين.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
هل تصرفي هذا صحيح وماهي عقوبة عقوق الوالدين في الدين والدنيا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكبائر، فقال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وشهادة الزور. متفق عليه.
وفي الصحيحين أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات.. الحديث. وروى أحمد و النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر.
وإذا كان الرب سبحانه حرم مجرد التأفيف للوالدين فكيف بالسب والشتم لهما، فلا شك في أنه إثم مبين وعلامة على خذلان صاحبه، ويخشى عليه أن تعجل له عقوبة هذا الذنب في الدنيا قبل الآخرة، ففي الحديث الذي رواه البخاري في التاريخ والطبراني وصححه الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:اثنان يعجلهما الله في الدنيا: البغي، وعقوق الوالدين.
وعقوق الأم خاصة أشد إثما، لأن برها آكد، فقد جعل الله لها ثلاثة أرباع البر كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك".
فإذا كان ما ذكرت عن أخيك من تصرفات سيئة مع أمك أمرا واقعا فلا شك في أنه على خطر عظيم إن لم يتداركه الله برحمته ويوفقه إلى التوبة، فنوصي بنصحه بالحكمة والموعظة الحسنة، وليكن هذا النصح ممن يرجى أن يقبل قوله، وينبغي أن يعان في البحث عن عمل، فقد يكون الفراغ سببا في توتره. وجماع الخير في الدعاء له بالتوبة والهداية ولا سيما دعاء الوالدين فإنه مستجاب بإذن الله، روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.
وبعد هذا كله فإن تاب إلى الله وأناب فالحمد لله وذلك المطلوب، وإن استمر على غوايته فينبغي أن تتخذوا من الوسائل ما يحول بينه وبين أذية أمه.
والله أعلم