السؤال
أنا شاب في 27 من العمر ومنذ 6 سنوات وأثناء الدراسة الجامعية حدث أن كذبت على شخص مجبرا للحصول على دروس مفيدة إذ ظهر لي متمكنا في مجاله، والقصة وقعت حينما كنا في السنة الأخيرة تعرفت عليه صدفة وكان لا يكترث، إذ مرة يجيبني ومرات لا فأقدمت على فتح حساب باسم مستعار ـ فتاة اسمها حياة ـ وأخذت صورة من الأنترنت على أنها أنا ثم أضفته للحساب الجديد فلاحظت أنه أولى اهتماما كبيرا لي فأخبرته أنني في مثل تخصصه وأواجه صعوبات فلم يدخر جهدا حيث كان يبعث لي الدروس وكان يعبر عن إعجابه بي فكنت أسايره حتى لا يشك في فنتكلم مرات عدة عن المستقبل، ولعلمي أنني على خطإ قررت قطع العلاقة فبعث لي بإيميل لمعرفة لماذا لا أجيبه وهل أنا شخص يسخر منه فاضطررت لمراسلته ثانية لأؤكد له أني تلك الفتاة ولخوفي من عقاب ربي أخبرته أنني سأسافر للخارج ولن يعود بمقدوري مراسلته فبدأت أقلل من اتصالي به، وقلما كنت أستعمل ذلك الحساب حتى نسيت كلمة المرور والمستخدم
والآن يا شيخ ندمت على ما حصل لكن يقلقني أنني لم أستطع إخباره أن ذلك كذبة لأنه يعرف أصدقائي مما أرغمني على الصمت وليس عندي إيميله للاعتذار, ومنذ تلك الفترة وأنا تعب وأصابتني ابتلاءات لم أتصورها أبدا أصبت بالغازت في معدتي مما كان يمنعني من الصلاة وأصبت بتسوس في الأسنان فحزنت حزنا شديدا يجعلني سأنفجر، وفي العمل صرت أتأخر، فماذا أفعل يا شيخ أحس بالذنوب تقيدني؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا ريب فيه أن ما أقدمت عليه خطأ جسيم وذنب عظيم، لأنه كذب وخداع، وهما من صفات المنافقين، ولا يطبع المؤمن على الكذب، ومما جاء في بيان خطورة الكذب ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا.
وفيهما أيضا عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وقال إني مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان.
وفي الموطأ أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانا؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلا؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن كذابا؟ فقال: لا.
وقد أحسنت بالندم على ما مضى، وإقلاعك عن هذا الذنب في الحال، واحرص على العزم على عدم العود إلى مثله مستقبلا لتستكمل شروط التوبة فتكون قد تبت توبة خالصة، وراجع الفتوى رقم: 5450، ففيها بيان شروط التوبة.
ولكن هل يجب عليك استسماحه؟ الراجح من كلام أهل العلم أن هذا النوع من الذنوب يكفي فيه أن يستغفر لصاحبه وأن يدعو له بخير، لأن إخباره يترتب عليه ضرر أكبر في الغالب فيزداد غما على غم وتحصل قطيعة بينهما، وهذا يتنافى مع مقاصد الشرع، وراجع تفصيل المسألة بالفتوى رقم: 127572.
ونوصيك بأن تحسن الظن بربك وتتذكر سعة رحمة الله تعالى، وأنه غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، فلا تقنط من رحمته ولا تيأس من روحه، فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولمزيد الفائدة راجع الفتويين رقم: 1882 ورقم: 134323.
والله أعلم.