السؤال
أنا في حيرة من أمري، أسمع كثيرا عن الربا وأعرف ماهو الربا، ووالدي يتعامل في البطاقات الائتمانية ومعروف أنها ربوية لا شك في ذلك أبدا، وأصبح الأكل والشرب والملابس من هذه البطاقات، أحفظ معنى حديث أن من كان أكله وشربه وغذي من الحرام فالنار أولى به
فهل سأدخل النار وأخلد فيها؟ وأيضا من يدعو وهو يأكل الربا لا يستجاب له، فأنا لم آكل وأشرب برغبتي، بل رغما عني وليس بإرادتي أبدا، فهل يكون هذا مصيري محرومة في الدنيا ومعذبة في الآخرة، لأن والدي غذاني بالحرام؟ أنا لست موظفة ولا أستطيع أن أصرف على نفسي، وإذا قدر الله لي في القريب العاجل الوظيفة فكيف أستطيع أن أطهر نفسي من الربا؟ إخواني أنا في فترة ليست ببعيدة قلت ما فائدة الصلاة ما دمت سأعذب في النار؟ وما فائدة الدعاء ما دام لن يستجاب لي؟ كدت أن أترك الصلاة مع أنني قد تركت الدعاء فأنا أشعر بغصة إذا قرأت أن من أسباب عدم قبول الدعاء أكل المال الحرام، فأنا لست مخيرة بل مجبرة على ذلك وليس في يدي حيلة
أرجوكم ادعولي أن يطهرني الله من الربا أريد أن أرتاح فأنا أناصح والدي دائما ولم أتركه ويرد علي في القريب العاجل إن شاء الله سوف أتخلص من كل البطاقات، والمصيبة أنها ليست واحدة بل أكثر من ذلك، يارب ارحمني واغفر لي.
وجزاكم الله خيرا وأعتذر عن طول سؤالي
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأبناء إذا كانوا صغارا أو كانوا كبارا عاجزين عن تحصيل المال الحلال، فإنهم يأخذون من مال أبيهم ولو كان من كسب حرام، ويأكلون من طعامه، وحكمهم حكم المضطر إلى أكل الميتة ليدفع الأذى عن نفسه، كما أن المال الحرام يكون حلالا لمستحقه من الفقراء والمساكين مع علمهم أنه مال كسب من وجه محرم، فهو في حق حائزه حرام وفي حق آخذه بالحق حلال، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: مسألة في الأموال التي يجهل مستحقها مطلقا أو مبهما، وذكر منها الأموال التي قبضت بعقد فاسد من ربا أو ميسر ونحو ذلك، ثم قال: وإذا أنفقت كانت لمن يأخذها بالحق مباحة كما أنها على من يأكلها بالباطل محرمة. انتهى.
وقال النووي في المجموع: وإذا دفعه ـ المال الحرام ـ إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير، بل يكون حلالا طيبا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه وله هو أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضا فقير. انتهى كلامه.
وبالتالي، فلا حرج عليك في الأكل من طعام أبيك والانتفاع بما يعطيك من ماله المكتسب من خلال معاملات ربوية محرمة حتى تجدي ما يغنيك عنه هذا مع أنك لست متيقنة من حرمة جميع ماله، ومال مختلط المال تجوز معاملته فيه على الراجح، كما أن المال المتحصل عليه بهذه الطريقة حرمته تتعلق بذمة مكتسبه لا بعين ما استهلك فيه من طعام وغيره وعلى كل، فلا يجوز لك ترك الصلاة أو القنوط من رحمة الله بسبب ما ذكرت، قال تعالى: قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون {الحجر:56}.
فاستغفري الله تعالى من تهاونك بالصلاة وحافظي عليها في أوقاتها واقضي ما فاتك منها وانصحي أباك ليكف عن المعاملات المحرمة إن ثبت كون بطاقته الائتمانية محرمة أوكونه يقترض بالربا ونحوه، وانظري الفتويين رقم: 53840، ورقم: 105376.
والله أعلم.