السؤال
ما حكم تسجيل المكالمات بواسطة البرنامج الموضوع على الموبايل دون علم الأشخاص الذين نتحدث معهم؟.
ما حكم تسجيل المكالمات بواسطة البرنامج الموضوع على الموبايل دون علم الأشخاص الذين نتحدث معهم؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن تسجيل المكالمات لا يقع غالبا إلا لإسماعها لغير من أجريت معه، وهذا إن لم يأذن به صاحبه، أو يعلم من حاله أنه لا يكرهه، ففيه تعد ونوع خيانة، وإذا كان المنقول مما يفسد ذات البين فإسماعه للغير يدخل في النميمة المحرمة، ومما يتناول هذه القضية بصفة عامة قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة. رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود وأحمد، وصححه الألباني.
قال القاري في مرقاة المفاتيح: ثم التفت أي: غاب عنك أو عنه بمفارقة المجلس. اهـ.
وفي سنن أبي داود ومسند أحمد من حديث جابر مرفوعا: المجالس بالأمانة.
قال المناوي في فيض القدير: أي لا يشيع حديث جليسه إلا فيما يحرم ستره من الإضرار بالمسلمين ولا يبطن غير ما يظهر. اهـ.
وقال في موضع آخر: أي إن المجالس الحسنة إنما هي المصحوبة بالأمانة، أي كتمان ما يقع فيها من التفاوض في الأسرار، فلا يحل لأحد من أهل المجلس أن يفشي على صاحبه ما يكره إفشاؤه. اهـ.
ومن الأمانة أن لا تسجل مكالمة إنسان يعلم من حاله أنه يكره ذلك ولا يأذن فيه، ولا سيما إذا كان فيها إلحاق ضرر بأحد أو هتك ستره، فعن ابن عمر قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
فإذا علم أن المتصل لا يكره تسجيل مكالمته فلا حرج في ذلك، وإذا شك في كراهته لهذا فليسأله وليستأذنه، إلا أن يكون ذلك من الأحوال الخاصة التي يشرع فيها التجسس، والتي سبق أن أشرنا إليها في الفتويين رقم: 15454، ورقم: 18121.
والله أعلم.