عدم كراهة الوضوء بماء سخن بشيء مغصوب مع إثم الغصب

0 342

السؤال

لقد قلتم في الفتوى رقم: 109465، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: المسخن بالمغصوب وفي كراهة استعماله روايتان إحداهما: يكره وهو المذهب، والرواية الثانية لا يكره ـ انتهى مختصرا، فهل هذا رأي الأئمه الأربعة أنه مكروه؟ أم رأي الإمام أحمد فقط؟ وهل لو أخذت بالرواية الأخرى للإمام أحمد بأنه مباح يصح ذلك؟ أم أكون متتبعا للرخص؟ فقد قرأت للشيخ ابن جبرين قوله: أو سخن بنجاسة أو بمغصوب، لأنه لا يسلم غالبا من صعود أجزاء لطيفة إليه، وفي الحديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ـ رواه النسائي والترمذي وصححه. الشرح: الماء إذا سخن بنجاسة ـ كروث حمار أو بغل ـ كره مطلقا، سواء ظن وصولها إليه أو لا، بأن كان الحائل حصينا، لأنه لا يسلم غالبا من وصول أجزاء لطيفة من النجاسة إلى الماء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ـ وقال بعضهم: كره هذا الماء لكون استعمال النجاسة مكروها، فالسخونة حينئذ قد حصلت بفعل مكروه، وقد ذهب الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وهو رواية عن أحمد ـ إلى أن هذا الماء لا يكره، لأن طهارته متيقنة، قال النووي: لم يثبت نهي ـ أي في هذه المسألة، ولعل هذا هو الأقرب، أما إذا تيقن وصول شيء من النجاسة إلى الماء المسخن فإنه يعتبر نجسا ـ كما سيأتي إن شاء الله ـ وقوله: أو بمغصوب ـ أي أن يسخن الماء بمغصوب، كأن يسخنه على حطب قد غصبه من إنسان، وهكذا آلات التسخين المعاصرة كالأفران ونحوها إذا غصبها من إنسان، فإن الماء المسخن بها يكره استعماله لاستعمال المغصوب في تسخينه، ولعل الأرجح أن الماء المسخن بالمغصوب لا يكره لعدم الدليل على كراهته ـ وهذه هي الرواية الثانية عن أحمد ـ ولكن يأثم الغاصب، كما هو معلوم، ففهمت من قول الشيخ: ولعل الأرجح ـ أنه لا يكره.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فلم ينص غير الحنابلة بحسب اطلاعنا على كراهة ما سخن بمغصوب، وقد جاء في الموسوعة الفقهية بحث ما يكره من المياه وذكروا أقوال المذاهب الأربعة ولم يذكروا كراهة المسخن بمغصوب إلا عن الحنابلة، والرواية الثانية عن أحمد وهي عدم الكراهة أرجح ـ إن شاء الله ـ وهي الموافقة لما يظهر أنه قول الحنفية والمالكية والشافعية, وإن كان الغاصب آثما بلا شك، كما ذكر الشيخ ابن جبرين ـ رحمه الله ـ في الكلام المنقول عنه، فليس الأخذ بهذا القول من تتبع الرخص المذموم، ولو تركه المسلم تورعا وخروجا من الخلاف كان حسنا، على أن الطهارة به صحيحة بكل حال ولا إثم فيها، وغاية الأمر أن يكون التطهر به مكروها، والمكروه في الاصطلاح هو ما لا يأثم فاعله ويثاب تاركه امتثالا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة