السؤال
والدي عنده زوجة كانت تفتعل المشاكل وهو قوي الصبر عليها وبعد أن وهن عظمه وضعف بصره ازدادت مشاكلها فأراد فتح باب كان مؤصدا بينه وبين أبنائه لخدمته، فرفضت زوجته وأصر هو على فتحه ولكنه لم يجد زوجته فقد غادرت بدون إذنه إلى أهلها ثم عادت بعد يومين وحملت جميع عفشها وما خف من عفش البيت، وفي اليوم التالي كتب ورقة فيها أنها طالق بالثلاث، وكان قد طلقها مرتين وراجعها مرتين وهذه الطلقة الثالثة ،وبعد أسبوعين توفي ـ رحمه الله ـ إثر التهاب حاد في الرئة، فما حكم الطلاق؟ وهل ترث هذه الزوجة من تركته مع مشاكلها ـ من إفساد جدران البيت فور الانتهاء من صبغها، ونثر إفطاره في رمضان على فرش الصالة التي كان يرحمه الله يجلس فيها لتناول الإفطار، وكب قهوته على الفرش؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك عدة مسائل نجيب عليها بالتفصيل كما يلي:
1ـ لم يكن يجوز لزوجة أبيك الخروج من بيت زوجها بدون إذنه ويعتبر ذلك معصية لله تعالى ونشوزا مسقطا لنفقتها، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 99249.
2ـ كما لا يجوز لها منعه من الاستفادة من خدمة أبنائه ولا إتلاف ماله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
3ـ بخصوص الطلاق الثلاث الذي كتبه والدك فهو كناية طلاق تحتاج لنية، لكن كتابته بعد خصومة قرينة دالة على كون والدك قد قصد الطلاق، جاء في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع للبهوتي الحنبلي: أو يأتي مع الكناية بما يقوم مقام نية الطلاق كحال خصومة وغضب وجواب سؤالها الطلاق فيقع الطلاق ممن أتى بكناية إذن ولو بلا نية، لأن دلالة الحال كالنية بدليل أنها تغير حكم الأقوال والأفعال. انتهى.
ووقوع الطلاق هنا تترتب عليه البينونة الكبرى وبالتالي، فلا إرث لهذه الزوجة إلا إذا كان الطلاق قد حصل أثناء مرض مخوف متهما فيه الزوج بحرمانها من الإرث، جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: قوله: وإن أبانها في مرض موته المخوف متهما بقصد حرمانها فإنه لا يرثها، وترثه هي معاملة له بنقيض قصده، لأن الحيل لا تبطل الحقوق. انتهى.
وقد علمت مما ذكر أن المسألة شائكة ومعقدة ولا تكفي فيها مجرد فتوى، وبما أنها تتعلق بما فيها خصام ونزاع فلا بد من رفعها لمحكمة شرعية للنظر في تفاصيلها.
والله أعلم.