0 260

السؤال

أردت السؤال عن جواز الاعتراض على الفتاوى في حال خطإ المفتي، أو في حال لم يفسر معنى الآية أو الحديث بمعناه الصحيح، واسترشاده بهما وهو مخطئ، لأنه كثرت الفتاوى ويحصل اختلاف بين المفتين على حكمها، وأيضا هل يجوز الاعتراض في حال لم يعارضه أي مفت في المسألة التي أفتى بها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمنصب الفتوى منصب جليل لا يتصدى له إلا من كان متأهلا لذلك، إذ الفتوى توقيع عن الله تعالى وبلاغ عنه بأنه حكم بكذا أو أمر بكذا أو نهى عن كذا، فمن كان أهلا للفتوى وشهد له الثقات بذلك فينبغي توقيره ورعاية حرمته والتأدب معه، فإن التأدب مع أهل العلم من الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه. رواه أحمد والحاكم وحسنه الألباني. فإذا كان المستفتي من العوام فليس له الاعتراض على الفتوى بمجرد الهوى، بل عليه أن يتأدب في السؤال ويقبل ما يقوله المفتي، فإن كان عنده إشكال عرضه في أدب متخيرا أحسن الألفاظ وأبلغها في التوقير وأبعدها عن الإيذاء، فلا يقول له فلان يقول بكذا أو يفتي بكذا ونحو ذلك.

قال في شرح التحرير: فينبغي للمستفتي أن يحفظ الأدب مع المفتي، ويجله ويعظمه، فلا يقول له ولا يفعل ما جرت عادة العوام به، كإيماء بيده في وجهه، وما مذهب إمامك في كذا؟ وما تحفظ في كذا؟ أو أفتاني غيرك أو فلان بكذا أو كذا، أو كذا قلت أنا، أو وقع لي، أو إن كان جوابك موافقا فاكتب، وإلا فلا. انتهى.

وقد صرنا إلى زمن هجرت فيه هذه الآداب، واجترأ كل أحد على حمى الشرع وكثر الاعتراض بالجهل، وكثر تمزيق الأغمار لثياب الأحرار، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فليحذر المسلمون هذه الغائلة وليجلوا علماءهم ولينزلوهم منزلتهم التي أنزلهم الله إياها، فإنهم خيار الأمة وورثة النبي صلى الله عليه وسلم. وأما إذا اختلف العلماء على العامي فإنا قد أوضحنا ما يفعله في الفتوى رقم: 120640 . وليس أحد من المفتين معصوما، فإن أخطأ فإنه لا يقبل خطؤه مع رعاية حرمته، فلا تهدر مكانته لأجل زلته، ولا يتابع على ما يأتي به من الخطأ، وإنما يتولى الرد على المفتين والعلماء فيما يخطئون فيه أهل العلم وفق الضوابط الشرعية في هذا الباب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة