هل رعاية الطفل عذر يبيح ترك الجمعة

0 261

السؤال

أحبتي في الله لي صديق عزيز تزوج ورزقه الله بولد، وبعد أن انتهت فترة إجازة الأمومة لزوجته التي تعمل ممرضة في مدينة غير مدينتهم التي يسكنون بها اضطر ـ وهوالذي يعمل ممرضا في مكان آخر ـ لأن يجلس لطفله في المنزل في اليوم الذي تكون زوجته فيه في العمل، ولكنه حدثني قبل يومين أنه لم يذهب لصلاة الجمعة مرتين متتاليتين بسبب الطفل، وأن زوجته لا تستطيع استبدال يوم الجمعة بيوم آخر، لأن رب العمل يرفض ذلك، وأهله في بلد آخر ولا يوجد له جيران ثقة أو معرفة يضع الطفل لديها وقت الصلاة، والحضانات يوم الجمعة كلها مغلقة، فسألني إن كان ذلك من الأعذار التي تبيح ترك الجمعة، فأجبته بأنه ليس بعذر وعلى زوجته أن تجتهد في تبديل دوام يوم الجمعة بالذات، وإن لم تستطع فإنه يستطيع السفر لمدينة أهله التي تبعد مدة ساعة واحدة عن مدينته بسيارته في الصباح ويترك الطفل لديهم ويصلي الجمعة ثم يعود به لمدينته، وبهذا يكون لم يضيع صلاة الجمعة، خصوصا وأن تكلفة سفره بسيارته لمنزل أهله لا يرهقه ماديا، فما رأيكم بهذا؟ وهل فعلا ما لديه يعتبر عذرا؟ وهل هناك برأيكم منفذ آخر؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالذي يظهر ـ والعلم عند الله تعالى ـ أن اشتغال صاحبك بحفظ طفله وتعاهده عذر يبيح له ترك الجمعة، وقد نص الفقهاء على أعذار تبيح ترك الجمعة والجماعة هي دون هذا بكثير، كخوفه على ماله من الضياع، قال في شرح الإقناع: أو خائف من ضياع ماله، كغلة في بيادرها، ودواب وأنعام لا حافظ لها غيره ونحوه، أو خائف من تلفه كخبز في تنور وطبيخ على نار ونحوه، أو خائف فواته كالضائع يدل به أي عليه في مكان، كمن ضاع له كيس أو أبق له عبد وهو يرجو وجوده، أو خائف من ضرر فيه أي ماله أو في معيشة يحتاجها، أو أطلق الماء على زرعه أو بستانه، يخاف إن تركه فسد أو كان مستحفظا على شيء يخاف عليه الضياع إن ذهب وتركه، كناطور بستان ونحوه، لأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بل الثياب بالمطر الذي هو عذر بالاتفاق، ونصوا كذلك على أن الاشتغال بتمريض من ليس عنده من يمرضه عذر في ترك الجمعة والجماعة، قال في شرح الإقناع: أو خائف موت رفيقه أو قريبه، ولا يحضره، أو لتمريضهما، يقال: مرضته تمريضا، قمت بمداواته، قاله في المصباح إن لم يكن عنده أي المريض من يقوم مقامه. انتهى.

ولا يخفى أن هذه الأعذار وغيرها كثير مما ذكروه هي دون خوفه على ولده الصغير، وهو غير قادر على اصطحابه إلى المسجد لما يخشى من تلويثه وما يحصل من أذية المصلين، ولا يلزم زوجته ترك العمل الذي تعاقدت على إتمامه، ولا يلزمه كذلك السفر بطفله إلى أهله، لما فيه من المشقة الظاهرة، ودين الله تعالى يسر، والله تعالى لم يجعل علينا في الدين من حرج. فله الحمد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة