السؤال
ليلة البارحة حدث بيني وبين زوجتي جدال، ثم ذهبنا وتعشينا في مطعم فاستفزتني فقلت لها أنت ط... ثم طا ...ثم طالـ ولم أكمل حرف القاف، وكان ذلك بقصد التخويف فقط، لكن عندما قلتها في المرة الأخيرة طال خرج صوت مثل حرف القاف حتى زوجتي قالت أنت الآن طلقتني، وأنا والله لم أنطق بالقاف لكنه عند إغلاق الفم خرج هذا، فهل وقع الطلاق أم لا؟ وقبل سنة تقريبا تخاصمنا وقالت سآخذ أغراضي وأذهب إلى أهلي فقلت لها أنت طالق إذا أخذت أغراضك وذهبت لأهلك، بغرض المنع وأنا أقصد لو ذهبت بشنطها وفهم أهلها من ذلك أنها غاضبة، وبعدما تراضينا سمحت لها بالذهاب لكن قلت لها لا تأخذي شنطتك لكي لا يقع طلاق فأخذت لبسة أو لبستين في كيس عادي وفي نفس النقاش قالت سأخبر أمي، فقلت لها لو أخبرتها تصريحا أو تلميحا فأنت طالق، لكنني نسيت هل كنت أقصد متعمدة أم لا؟ وسألتها أختها هل كنتم متغاضبين؟ فقالت نعم، وكان ذلك أمام أمها، ولست متأكدا أنني كنت أقصد أنت طالق لو جاءت أمك وكلمتني لماذا خاصمت ابنتي؟ لأن زوجتي في وقت سابق قد شكت لأمها سوء فهم بيننا فجاءت أمها وناقشتني، فقلت لها هذا كي أمتنع من نقاش أمها فقط، أرجوكم جاوبوني بسرعة هل وقع الطلاق وبانت بينونة كبرى لأنا نحب بعضا وبيننا طفلة؟ وإن وقع الطلاق فلن نستطيع أن نكتم ذلك ونستمر، لأن ذلك زنا ـ والعياذ بالله ـ وكم طلقة وقعت؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لزوجتك: أنت طال ـ من غير نطق بحرف القاف ـ قيل يقع به الطلاق وقيل لا يقع، قال النووي: ولو قال: أنت طال وترك القاف، طلقت حملا على الترخيم، قال البوشنجي: ينبغي أن لا يقع وإن نوى، فإن قال: يا طال، ونوى، وقع، لأن الترخيم إنما يكون في النداء، فأما في غير النداء، فلا يقع إلا نادرا في الشعر.
وانظر الفتوى رقم: 116427.
وإذا كنت نطقت بالقاف عامدا فقد وقع الطلاق، لأن اللفظ الصريح يقع به الطلاق من غير حاجة لقصد إيقاعه، أما إن كنت نطقت بالقاف من غير قصد، وإنما هو سبق لسان، فالظاهر ـ والله أعلم ـ عدم وقوع الطلاق حينئذ، قال النووي ـ رحمه الله: الركن الثالث: القصد إلى الطلاق: فيشترط أن يكون قاصدا لحروف الطلاق بمعنى الطلاق.
وجاء في الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي: لا إن سبق لسانه بأن قصد التكلم بغير لفظ الطلاق فزل لسانه فتكلم به فلا يلزمه شيء مطلقا إن ثبت سبق لسانه، وإن لم يثبت قبل في الفتوى دون القضاء.
وأما تعليقك طلاقها على أخذ أغراضها والذهاب لأهلها، فما دمت نويت منعها من ذلك حال المغاضبة ولم تقصد منعها منه مطلقا، فالطلاق لا يقع بذهابها في غير حال المغاضبة، وذلك لأن النية في اليمين تخصص العام وتقيد المطلق، قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له......... ومنها أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه.
وبقي تعليق الطلاق على إخبارها أمها بحصول مغاضبة بينكما، فإن كنت قصدت التعليق على إخبارها أمها مقيدا ذلك بكون الإخبار مباشرة أو قصدا، فلا يقع الطلاق إلا إذا فعلت الزوجة الإخبار على الوجه الذي نويته بيمينك، وأما إن كنت نويت التعليق على الإخبار مطلقا سواء باشرت الزوجة ذلك أو لم تباشره وسواء كانت قاصدة أو غير قاصدة، فما دامت قد أخبرتها فقد وقع الطلاق، ولا يمنع وقوعه مجرد شكك في تقييد ذلك بأن تكلمك أمها بشأن تلك المخاصمة، كما أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق ما لم يصل إلى حد بحيث يفقد صاحبه الإدراك، وانظر الفتوى رقم: 98385.
فإذا كنت لم تطلقها من قبل بحيث اكتملت ثلاث طلقات، فلك مراجعة زوجتك قبل انقضاء عدتها، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة راجع الفتوى رقم: 54195.
وننبهك إلى أن وقوع الطلاق المعلق ولو كان للتهديد أو المنع أو نحوه، هو مذهب الجمهور خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى عدم وقوع الطلاق المعلق إذا قصد به التهديد أو المنع أو الحث، وأنه يمكن حله بكفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 19162.
والذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بهم في بلدك، كما ننصحك باجتناب أسباب الغضب والحرص على ضبط النفس واجتناب استعمال ألفاظ الطلاق في الحلف أو التهديد.
والله أعلم.