السؤال
ورد في الأحاديث النهي عن الدعاء على النفس والأولاد لأنها قد تجد بابا للإجابة، وكذلك النهي عن القيام والشخص نعسان لأنه قد يدعو لنفسه فيدعو عليها وهو لا يدري، وهنا طرأت علي شبهة وهي لماذا هذا النهي مع أن الله يعلم أن النعسان الذي يدعو على نفسه يدعو لنفسه، ويعلم بالضبط ما كان سيقول قبل أن يخطئ بسبب النعاس، وكذلك الدعاء على الأولاد فإن الله يعلم أن الآباء لا يقصدون الدعاء عليهم وإنما ذلك بسبب الغضب، ومعلوم أن الدعاء يحتاج حضور القلب، وفي كلتا الحالتين القلب غير حاضر ولا يقصد ما تفوه به اللسان. كل هذا جعلني عندما أدعو أكون دقيقا في دعائي وأتكلف التفصيل فيه فمثلا لا أقول يا رب نجحني فقط وإنما أقول في جميع دروسي، لأن نجحني لوحدها تحتمل أن أنجح في مادة واحدة فقط وأرسب في الباقي مع أني أقصد النجاح في كل الدروس. فهل هذا التكلف صحيح أم يكفي أن أقول نجحني والله يعلم أني أريد النجاح في كل الدروس.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أيها الأخ الكريم أن تدعو الله تعالى بخير الدنيا والآخرة، والزم جوامع الدعاء والثابت منه عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن فيه الخير والبركة، ولا تتنطع وتغل في الدعاء فإنه قد يخشى أن ينجر بك ذلك إلى نوع من الاعتداء في الدعاء والله لا يحب المعتدين. ولو دعوت الله بالنجاح فقط كفاك ذلك إن شاء الله، ولو زدت بتعيين ما تريد النجاح فيه لم يضر، والله مطلع على ما تسره عالم بما تقصده، فتوجه إليه بكليتك واعتمد عليه، وثق به في تحصيل المرغوب ودفع المرهوب فإنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، وأما ما استشكلته من عقوبة من ذكر بإجابة دعاء لم يقصدوه فجوابه أنهم لما تعرضوا لما نهى الله تعالى عنه كانوا مستحقين للعقوبة، فأجيب دعاؤهم على أنفسهم لتعديهم حدود الله عقوبة لهم.
قال العراقي في شرح حديث: إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه. قال العراقي: فإن قلت: كيف يؤاخذ العبد بما لا يقصد النطق به من تغيير نظم القرآن أو دعائه على نفسه وهو ناعس؟ قلت قال والدي - رحمه الله - الجواب عنه من وجهين: (أحدهما) أن من عرض نفسه للوقوع في ذلك بعد النهي عنه فهو متعد بالصلاة في هذه الحالة فجنايته على نفسه وهذا إذا كان عالما بالنهي. (والوجه الثاني) إنا وإن قلنا إنه غير آثم لعدم قصده وذلك فالمقصود من الصلاة أداؤها على ما أمر به وتحصيل الدعاء لنفسه لكونه أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، فإذا فات المقصود بكونه لم يعلم ما أتى به من الواجبات ولم يحصل له إجابة ما قصد أن يدعو به لنفسه فهو منهي عن تكليف نفسه ما لا فائدة فيه. انتهى.
ونظير هذا بل أولى من دعا على نفسه أو ماله أو ولده فإن هذا قاصد لنفس الدعاء متعمد لفعل المخالفة.
والله أعلم.