السؤال
أرجو منكم الإجابة على سؤالي شاكرا لكم تعاونكم: أنا متزوج ولدي ولدان، وأردت الزواج مرة ثانية مع توفر الإمكانيات المادية والجسمية ـ والحمد لله ـ إلا أن زوجتي الأولى ترفض الموضوع بشدة حيث طلبت الطلاق ومن ثم العيش في عمان، وحدثت الكثير من المشاكل، وأصبحت أصغر الأشياء تعني الكثير وتكون سببا في مشاكل يومية؛ حتى مجرد الزوجية أصبحت بدون إحساس، بعد العديد من المشاكل وعدم قدرتنا على إدارة الوضع، تم شرح التفاصيل لأهل زوجتي وتفهموا التفاصيل مع معارضة شديدة من أهلي بداعي مصلحة الأولاد قبل أي شيء، فاتفقنا ـ أنا وزوجتي ـ على الانفصال مع عدم الطلاق للمحافظة على الأطفال، وكذلك تم الاتفاق على أن تسكن هي بعمان وتسجيل الأطفال بمدارس في عمان حيث ستسكن في بيت مستقل هي والأولاد فوق منزل الأهل متكفلا بكافة المصاريف الخاصة بزوجتي والأولاد هذا من الناحية المادية، عاطفيا وبكل صراحة حصل لدينا نفور بعد تراكم هذه المشاكل ورفضها القاطع للزواج الثاني، وليس لدي أنا بالذات رغبة في المعاشرة، لأنها ستكون بدون إحساس، وسؤالي أخي الكريم وحسب التفاصيل أعلاه هل هنالك ظلم لزوجتي الأولى؟ وهل أنا ملزم بالمعاشرة الزوجية خلال الانفصال؟ وهل هنالك شروط معينة يجب القيام بها لتجنب ظلمها؟ وهل هنالك فرق بين الانفصال والطلاق حكما؟ الرجاء الإجابة على هذا السؤال للأهمية وبدون تحويلي لإجابة أخرى، شاكرا لكم تعاونكم، وإن شاء الله في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف بأن يبيت عندها ويعفها بالجماع، ويجب على الزوج العدل بين الزوجتين، أو استرضاء من لا يبيت معها ومصالحتها، فإن الصلح بين الزوجين على إسقاط المبيت كله أو بعضه جائز، لقول الله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير {النساء:128}.
فإن تنازلت هي عن حقها في ذلك فلا مانع، ولكن الأولى بالرجل ما دام زوجا لها أن يجاهد نفسه في معاشرتها ليعفها، ولا ينبغي أن تكون المشاكل السابقة سببا في نفوره من معاشرتها وإعفافها، فإن الحب العاطفي والألفة بين الزوجين قد يحتاج أحيانا إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، قال تعالى: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا {النساء:19}.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر. رواه مسلم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك. انتهى.
وأما انفصال الزوجة عن زوجها في السكن بموافقة من الزوج من غير تطليق لها: فلا يأخذ حكم الطلاق ولا يسقط شيئا من حقوق الزوجة الواجبة لها إلا أنه إذا كان بسبب نشوز الزوجة سقط حقها في المبيت والنفقة، كما أن لها أن تسقط حقها في المبيت برضاها، ويسلم هو من الإثم ولها أن تطالب بحقها متى شاءت، كما أنه أيضا على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وعلى كل حال، فهذه المرأة لا تزال زوجة لذلك الرجل ما دام لم يصدر منه لها طلاق، ولها حقوقها كزوجة وعليها لزوجها حقوقه كزوج.
والله أعلم.