لا تعارض بين الزواج والبر بالوالدة

0 315

السؤال

شيخنا الفاضل، أنا شاب عندي 27 عاما في أسرة تتكون من أم فاضلة و3 أولاد وبنت واحدة، تزوجت أختي، وكذلك أخي الأكبر وسافر أخي الآخر للعمل في الخارج، و لم يبق مع أمي سواي، تكبدت أمي عناء التربية بعد وفاة أبي منذ 20 عاما، ووفقها الله وتخرجنا، وأنا أعمل مهندسا في مصر، ودائما ما يعرض علي السفر للخارج، شيخنا الكريم، أريد الزواج، فأمي أصبحت كبيرة وتحتاج لمن يرعاها، فضلا عن أن عملي طوال اليوم، ولا أقدر على أعمال المنزل ولا مساعدتها، تعلقت بي لدرجة أنها ترفض التحدث عن الزواج وتهرب منه، لأنها تشعر بأنها سوف تعيش وحيدة، وأنني الوحيد وسوف أتركها، عرضت عليها أن تعيش معي، ولكنها رفضت وقالت لي إنك لن تستريح، لا أستطيع أن أتركها وحدها، وفي نفس الوقت لا تريد أن تعيش معي، شيخنا العزيز، أنا شاب ولا أستطيع البقاء بدون زواج وأنا الآن أمام كبيرتين، ترك أمي وحيدة بعد هذا الوفاء والإخلاص لنا، أو أن أقع في فاحشة الزنا، لأن طبيعة عملي أحيانا تقتضي أن أسافر لمدة أسبوع أو أسبوعين إلى الإمارات وخاصة دبي، شيخنا الفاضل، أستحلفك بالله ألا تتجاهل رسالتي، فقد أرسلت لأكثر من موقع ولم يجيبني أحد، والله حالتي النفسية تتدهور يوما بعد يوم، ولم أعد قادرا على الحديث مع أي شخص، وخاصة أمي بعدما طلبت منها التقدم لفتاة وقالت إن الوقت لا زال مبكرا، وأنت لم تكون نفسك ولم توافق على الخطبة، علما بأن الفتاة كانت على دين وخلق، شيخنا الكريم، أبذل ما بوسعي لإرضاء أمي، فوالله ما طلبت شيئا إلا وكان عندها في أقرب وقت ممكن، وقد من الله علي وأكرمني بالمال، وأخذتها إلى العمرة ردا لجزء من الجميل ووفاء لها على جميل صنعها وحسن تربيتنا، شيخنا العزيز، بالنسبة لإخوتي، فكل واحد منهم انصرف إلى حياته، ولا يلقي لموضوعي وزواجي أي اهتمام. فالمشكلة إما هجر وعقوق وإما فاحشة وفساد، والظروف لا تسمح بشراء أو استئجار شقتين بجانب البعض، بالله عليك، هل أتزوج وأتركها ومجرد الزيارة اليومية تكفيها بعد رعايتها لنا طيلة هذه السنوات وكبر سنها واحتياجها للرعاية؟ أم لا أتزوج ويسوء خلقي وتتدهور حالتي النفسية جراء ارتكاب العادة السيئة، فطرنا الله على حب النساء فماذا أفعل؟ شيخنا الكريم الفاضل، معذرة للإطالة، فوالله لا أقدر على الكلام ولكن الشيء الوحيد الذي أملكه هو الكتابة، فلو بدأت الكلام لدمعت عيناي مما أعاني لمدة سنتين، شكرا لفضيلتكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن حق الأم عظيم، وبرها من أوجب الواجبات، ولا سيما إذا كان في حال ضعفها ومرضها، قال تعالى: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما {الإسراء:23}.

فالواجب عليك بر أمك والإحسان إليها، ولا يجوز لك التقصير في حقها، لكن ذلك لا يستلزم منك ترك الزواج، بل يجب عليك المبادرة بالزواج - ولو منعتك أمك ولا طاعة لها في ذلك - ما دمت تخشى الوقوع في الحرام، قال البهوتي الحنبلي: ويجب النكاح بنذر و على من يخاف بتركه زنا وقدر على نكاح حرة ولو كان خوفه ذلك ظنا من رجل وامرأة؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام، وطريقه النكاح. اهـ

وبعد الزواج عليك مداومة بر أمك سواء سكنت معها وزوجتك أو سكنت قريبا منها، فتقوم بخدمتها ورعايتها إما بنفسك أو باستئجار خادمة أو غيرها، وعليك الاجتهاد في استرضائها، ويمكنك الاستعانة ببعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم ليكلموها في ذلك ويبينوا لها ضرورة زواجك، واعلم أنك إن اتقيت الله وتوكلت عليه فسوف يكفيك كل ما أهمك، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا {الطلاق:2}. وقال: ومن يتوكل على الله فهو حسبه {الطلاق:3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة