ليس من شأن المبتدئ في طلب العلم أن يتوسع في قراءة كتب الخلاف

0 285

السؤال

أنا فتاة في منتصف طلب العلم وأجد من حولي يقولون إن كتب المخالفين فيها شيء من الصحة الذي قد ينفعني لكنني أجد حرجا شديدا في قراءة من يخالفنا ـ إما في العقيدة أو أن يكونوا صوفية أو يخالفون إجماع العلماءـ فهل عملي هذا صحيح؟ وإن قرأتها ووجدت فيها رأي أقنعني لكنه خالف قول عالم من العلماء مثل ابن تيمية فهل يصح لي أن أتبعه، علما أنني شديدة الكره أن أقرأ شيئا لهم لكن يجب علي البحث عن المفيد؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالمبتدئ في طلب العلم لا ينبغي أن يتوسع في قراءة كتب الخلاف ونحوها، وعليه أن يلزم قراءة كتب أهل العلم المعتبرين المعروفين بمتابعة السنة ونصرتها لئلا يتفرق همه ويتشتت ذهنه، فإذا صارت له ملكة يمكنه بها التمييز بين الأقوال فلا حرج عليه حينئذ في أن يتوسع في القراءة، وليعلم أن المخالفة في بعض مسائل الدين لا توجب إساءة الظن ببعض العلماء المخالفين أو الحط من أقدارهم، فإن لكثير من العلماء الذين وقعوا في بعض المخالفات جهودا مشكورة وآثارا مبرورة في نصرة الدين والذب عنه، فهؤلاء يقرأ لهم طالب العلم مع الحذر مما نبه عليه العلماء من مخالفاتهم ومن ترك الاستفادة من كتب هذا الصنف من العلماء بحجة أنهم أخطأوا في بعض المسائل فقد حرم نفسه خيرا كثيرا، بل نحن نستغفر لهم ونرجو لهم الخير بما أحسنوا فيه مما يربو على خطئهم بأضعاف مضاعفة، وهذا كلام نفيس لابن القيم ـ رحمه الله ـ ينبغي لمن كان طالبا للعلم أن يعنى بتأمله، قال في أعلام الموقعين: ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور، بل ومأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين. انتهى. 

فليتفطن لهذا طالب العلم فليس كل من خالف في شيء يكون مبغوضا أو يمنع من الاستفادة منه، وشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ على عظم منزلته في الدين ومحله الذي جعله الله به من الإمامة ونصرة السنة فليس هو بالمعصوم وليس اتباعه واجبا على أحد من الناس، فإنه رحمه الله ما انفك يبين أنه لا يجب على المسلمين اتباع أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم وأن الحلال هو ما أحله والحرام هو ما حرمه والدين هو ما شرعه صلى الله عليه وسلم، وأن أقوال غيره من الناس مما يسوغ الأخذ به للعامي الذي لم تتبين له السنة، فمن كان من أهل الاجتهاد فأداه اجتهاده في مسألة إلى ما اختاره شيخ الإسلام أو إلى غيره فقد فعل ما وجب عليه، ومن كان عاميا فإنه يقلد من يوثق بقوله من أهل العلم فإن قلد شيخ الإسلام أو قلد غيره من علماء الأمة المشهود لهم بالعلم والورع فهو على خير إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة