السؤال
سؤالي: ما هي كيفية التوفيق بين حديث: القضاة ثلاثة ـ والقول الذي قاله القاري: فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة؟ وجزاكم الله خيرا.
سؤالي: ما هي كيفية التوفيق بين حديث: القضاة ثلاثة ـ والقول الذي قاله القاري: فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يظهر لنا وجه التعارض بين حديث القضاة ثلاثة، الذي تقدم تخريجه وبيان المراد به في الفتوى رقم: 3271، وبين الحديث المشارإليه، ولفظه عند الترمذي: عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة. وقد ضعفه الألباني.
فالحديث الأول يتعلق بالقاضي الذي يحكم بين الناس، وهو يتضمن التحذير من الجورفي القضاء، أو التعرض له مع الجهل أما الحديث الثاني فيتناول الإمام أي السلطان، ويتناول درء الحدود بالشبهات وتغليب القاضي أيضا جانب العفو ما أمكن، وأن الخطأ في العفو أفضل من الخطإ في العقوبة، ففي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أنه تدرأ الحدود بالشبهات، والأصل في ذلك عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله تعالى عنها ـ قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ـ وفي حديث آخر: ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا ـ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب ـ وهذه القاعدة توجب أولا اعتماد اليقين ـ ما أمكن ـ في نسبة الجريمة إلى المتهم، وثانيا: أن الشك مهما كانت نسبته ومهما كان محله ومهما كان طريقه ينتفع به المتهم فيدرأ عنه الحد، يقول الشاطبي: فإن الدليل يقوم هناك مفيدا للظن في إقامة الحد، ومع ذلك فإذا عارضته شبهة وإن ضعفت غلب حكمها ودخل صاحبها في مرتبة العفو، وثالثا: الخطأ في العفو أفضل شرعا من الخطأ في العقوبة حيث إن تبرئة المجرم فعلا أحب إلى الله ورسوله من معاقبة البريء، وهذا المبدأ نجد تطبيقاته مبثوثة في أقضية الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وأقضية التابعين وفتاوى المجتهدين. انتهى.
والله أعلم.