السؤال
كنت فتاة طموحة جدا في كل مجالات حياتي ولكن قبل أربع سنوات راودتني فكرة عن مفهوم القضاء والقدر حيث تخيلت أن الله إذا كتب علي المرض فلا بد من أن يصيبني سواء اتخذت إجراءات الوقاية وعوامل الصحة أو لم أتخذها وبعد ذلك كبر هذا الفكر في رأسي لدرجة أنني بدأت أتخيل أنه سيصيبني لا محالة وسيردني عن درجة الطموح التي وصلتها فأصبحت عاجزة عن أي تفكير في مستقبلي وعن أي طموح في حياتي وهذه الحالة لا تزال مستمرة حتى الآن وأنا الآن خريجة هندسة نفط وأدركت أن هذا الفكر الذي تملكني لم يكن دقيقا حيث إن الله إذا كتب لعبده أمرا فهذه كتابة علم وليست قهر وأنني حرة في اختياراتي ولكنني لا أزال لا أستطيع الخروج من هذه الحالة مع علمي بأنها خاطئة فماذا أفعل؟ وكيف أخرج منها؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأفكار من تلبيس الشيطان وخلطه عليك ليحول بينك وبين ما فيه سعادتك في الدنيا والآخرة، فإن الأمور كلها بقدر الله تعالى، ولا يكون شيء في هذا الوجود من حركة ولا سكون إلا وهو كائن بعلم الله ومشيئته وخلقه، ومع ذا فلا يجوز ترك الأخذ بالأسباب اتكالا على القدر، فإن الله سبحانه ربط الأسباب بمسبباتها شرعا وقدرا، فمن أخذ بالسبب المشروع أفضى ذلك إلى حصول النتيجة المترتبة على هذا السبب، ولا يوجد عاقل في الدنيا يترك الأكل بحجة أنه لو كان مقدرا له الشبع فسيشبع، ولا يترك الاستدفاء في البرد ولا التزوج لطلب الولد بحجة أن ذلك لو كان مقدرا فسيحصل ولا بد، يقول ابن القيم رحمه الله: فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور، وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه، وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال ودخول النار بالأعمال. انتهى.
فترك الأخذ بالأسباب قدح في الشرع، لأن الشرع هو الذي أمر بها وحث عليها، فعليك أن تطرحي عنك هذه الوساوس والأفكار التي هي من تلبيس الشيطان، وعليك أن تأخذي بالأسباب المفضية إلى ما فيه مصلحتك في الدنيا والآخرة متوكلة في ذلك على الله تعالى عالمة أنه لا يكون إلا ما قدره وقضاه.
والله أعلم.