ترك الأخذ بالأسباب اتكالا على القدر خدعة شيطانية

0 289

السؤال

كنت فتاة طموحة جدا في كل مجالات حياتي ولكن قبل أربع سنوات راودتني فكرة عن مفهوم القضاء والقدر حيث تخيلت أن الله إذا كتب علي المرض فلا بد من أن يصيبني سواء اتخذت إجراءات الوقاية وعوامل الصحة أو لم أتخذها وبعد ذلك كبر هذا الفكر في رأسي لدرجة أنني بدأت أتخيل أنه سيصيبني لا محالة وسيردني عن درجة الطموح التي وصلتها فأصبحت عاجزة عن أي تفكير في مستقبلي وعن أي طموح في حياتي وهذه الحالة لا تزال مستمرة حتى الآن وأنا الآن خريجة هندسة نفط وأدركت أن هذا الفكر الذي تملكني لم يكن دقيقا حيث إن الله إذا كتب لعبده أمرا فهذه كتابة علم وليست قهر وأنني حرة في اختياراتي ولكنني لا أزال لا أستطيع الخروج من هذه الحالة مع علمي بأنها خاطئة فماذا أفعل؟ وكيف أخرج منها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فهذه الأفكار من تلبيس الشيطان وخلطه عليك ليحول بينك وبين ما فيه سعادتك في الدنيا والآخرة، فإن الأمور كلها بقدر الله تعالى، ولا يكون شيء في هذا الوجود من حركة ولا سكون إلا وهو كائن بعلم الله ومشيئته وخلقه، ومع ذا فلا يجوز ترك الأخذ بالأسباب اتكالا على القدر، فإن الله سبحانه ربط الأسباب بمسبباتها شرعا وقدرا، فمن أخذ بالسبب المشروع أفضى ذلك إلى حصول النتيجة المترتبة على هذا السبب، ولا يوجد عاقل في الدنيا يترك الأكل بحجة أنه لو كان مقدرا له الشبع فسيشبع، ولا يترك الاستدفاء في البرد ولا التزوج لطلب الولد بحجة أن ذلك لو كان مقدرا فسيحصل ولا بد، يقول ابن القيم رحمه الله: فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور، وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه، وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال ودخول النار بالأعمال. انتهى.

فترك الأخذ بالأسباب قدح في الشرع، لأن الشرع هو الذي أمر بها وحث عليها، فعليك أن تطرحي عنك هذه الوساوس والأفكار التي هي من تلبيس الشيطان، وعليك أن تأخذي بالأسباب المفضية إلى ما فيه مصلحتك في الدنيا والآخرة متوكلة في ذلك على الله تعالى عالمة أنه لا يكون إلا ما قدره وقضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة