السؤال
أفتاني عالم في مصر أول أمس عندما علم بأنني أخرج الزكاة على الأرض التي اشتريتها للاستثمار، وأقول للاستثمار كل عام بأنه ينبغي إخراج الزكاة عليها مرة واحدة فقط وذلك عند بيعها وليس كل عام، وقال لي إنها لا تحسب من عروض التجارة، وإنما تعتبر من السلع المعمرة، وأعطاني مثالا على ذلك قائلا لي: لا يعقل مثلا أن نطالب صاحب محال السيارات وعنده 100 سيارة مثلا ومر الحول وباع منها 3 فقط لا يعقل أن نطلب منه إخراج الزكاة على السيارات كلها، وإنما يخرج على التي باعها فقط، لأنها من السلع المعمرة وليست من عروض التجارة وإلا لو استمر في إخراج الزكاة سنويا لنفد رأسماله على الزكاة بمرور عدد من السنوات. فما رأي سعادتكم في هذه الفتوى؟ وما رأي الشرع في ذلك لو أخذت بها؟ أرجو الإجابة عن الشق التاني خاصة من السؤال وهو ما رأي الشرع لو أخذت بمن يفتي بالإخراج مرة واحدة عند البيع؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما هذه الأرض المشتراة بغرض الاستثمار فإن كان المراد أنك تؤجرها وتنتفع بغلتها فلا زكاة فيها لأنها ليست من عروض التجارة، وإن كان المراد أنك تتربص بها غلاء السعر ثم تبيعها فهذه من عروض التجارة تجب زكاة قيمتها في كل حول هجري في قول الجمهور وهو الذي نفتي به، وهو الأحوط والأبرأ للذمة، ولا تجب الزكاة فيها عند المالكية إلا عند بيعها فتزكيها مرة واحدة، وذلك لأنهم يفرقون بين التاجر المحتكر الذي يتربص بسلعته غلاء السعر فهذا يزكي إذا باع لحول واحد، وبين التاجر المدير فيقوم ما بيده من العروض عند كل حول ويزكيه.
وفي الموسوعة الفقهية بيان هذه المسألة فإنه جاء فيها: يرى المالكية أن التاجر إما أن يكون محتكرا أو مديرا، والمحتكر هو الذي يرصد بسلعه الأسواق وارتفاع الأسعار، والمدير هو من يبيع بالسعر الحاضر ثم يخلفه بغيره وهكذا، كالبقال ونحوه. فالمحتكر يشترط لوجوب الزكاة عليه أن يبيع بذهب أو فضة يبلغ نصابا، ولو في مرات، وبعد أن يكمل ما باع به نصابا يزكيه ويزكي ما باع به بعد ذلك وإن قل، فلو أقام العرض عنده سنين فلم يبع ثم باعه فليس عليه فيه إلا زكاة عام واحد يزكي ذلك المال الذي يقبضه. أما المدير فلا زكاة عليه حتى يبيع بشيء ولو قل، كدرهم، وعلى المدير الذي باع ولو بدرهم أن يقوم عروض تجارته آخر كل حول ويزكي القيمة، كما يزكي النقد. وإنما فرق مالك بين المدير والمحتكر لأن الزكاة شرعت في الأموال النامية، فلو زكى السلعة كل عام - وقد تكون كاسدة - نقصت عن شرائها، فيتضرر، فإذا زكيت عند البيع فإن كانت ربحت فالربح كان كامنا فيها فيخرج زكاته؛ ولأنه ليس على المالك أن يخرج زكاة مال من مال آخر. وبهذا يتبين أن تقويم السلع عند المالكية هو للتاجر المدير خاصة دون التاجر المحتكر، وأن المحتكر ليس عليه لكل حول زكاة فيما احتكره بل يزكيه لعام واحد عند بيعه وقبض ثمنه. أما عند سائر العلماء فإن المحتكر كغيره، عليه بكل حول زكاة. انتهى.
فإذا علمت ما مر فإن فتوى هذا الشيخ ليست صحيحة، لأنه جعل مناط عدم وجوب الزكاة لكل حول كون هذه الأرض مما يسمى بالسلع المعمرة وهذا لا نعلم به قائلا من العلماء، فهذه السلع المعمرة كالسيارات ونحوها تجب زكاتها في كل حول ما دام مالكها يتجر فيها فهو في معنى التاجر المدير، فإن حبسها مدة يتربص بها غلاء السعر فهو المحتكر الذي يرى المالكية فيه رأيهم المذكور. وأنت إن أخذت بقول المالكية في هذه المسألة أو قلدت من يفتي بقولهم رجونا ألا يكون عليك حرج في ذلك وإن كان الأولى والأحوط أن تعمل بقول الجمهور، وقول الجمهور هو المفتى به عندنا، وانظر لبيان ما يجب على العامي فعله إذا اختلفت عليه أقوال العلماء الفتاوى التالية أرقامها: 169801 170671 120640.
والله أعلم.