السؤال
سؤالي عن الجلوس في المسجد بعد الفجر فقد ورد حديث: من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله ....إلى قوله: تامة وأيضا صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجلس في المسجد إلى طلوع الشمس فأيهما أثبت وأصح هل الجلوس إلى طلوع الشمس أم انتظار 15 أو 20 دقيقة ثم صلاة ركعتين. وهل للمسلم أن يصلي هاتين الركعتين عند طلوع الشمس مباشرة بزعم أنها نافلة بسبب وليست نافلة مطلقة إشارة إلى الحديث الذي في أول السؤال؟ وهل إذا صلاهما عند رجوعه إلى المنزل قد يحصل أجر الحجة والعمرة؟ وهل يشترط الجلوس في نفس مكان الصلاة أم يكفي الجلوس في أي مكان في المسجد وماذا إذا احتاج أن يدخل الخلاء هل يخرج منه ويكمل الجلسة حتى يحصل أجر الحجة والعمرة أم يفوته ذلك الأجر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففيما يتعلق بالحديثين المشار إليهما والسؤال عن أيهما أصح، فالحديث الأول مختلف في صحته وقد حسنه جمع من العلماء كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 118699 ، أما الحديث الثاني فقد رواه مسلم في صحيحه ولفظه:عن سماك بن حرب قال قلت لجابر بن سمرة أكنت تجالس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: نعم كثيرا، كان لا يقوم من مصلاه الذى يصلى فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس قام وكانوا يتحدثون فيأخذون فى أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم. وفي رواية له :كان إذا صلى الفجر جلس فى مصلاه حتى تطلع الشمس حسنا. ومن هذا يعلم أن الحديث الثاني أصح ، لكن لا تعارض بين الحديثين في مسألة الانتظار بعد طلوع الشمس لغاية حل النافلة، فإن في الحديث الثاني التصريح بجلوسه صلى الله عليه وسلم حتى تطلع الشمس حسنا أي طلوعا ظاهرا بينا، وإن لم يذكر فيه أنه صلى.
وفي مرقاة المفاتيح على مشكاة المصابيح: حتى تطلع الشمس أي ترتفع حسنا أي طلوعا ظاهرا بينا ...ومعناه أنه كان يجلس متربعا في مجلسه إلى أن ترتفع الشمس وفي أكثر النسخ حسناء ... والمعنى حتى تطلع الشمس نقية بيضاء . انتهى.
هذا السؤال الأول.
أما عن السؤال الثاني وهو قول السائل ، وهل للمسلم إلى آخره ، فليس في الحديثين ما يدل على جواز النافلة وقت طلوع الشمس، ومن طلعت عليه الشمس وهو داخل المسجد فلا يشرع له التنفل قبل ارتفاعها لأنه استئناف نافلة في وقت نهي بلا سبب، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة حتى تطلع الشمس ففي الصحيحين :عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس. أما ما كان له سبب كتحية المسجد في حق من دخل االمسجد في وقت نهي فمن العلماء من يرى جوازه في وقت النهي لوجود السبب ومنهم من يرى عدم جواز ذلك كما سبق بيانه في الفتوى رقم :13512، والفتوى رقم :50805.
وللإجابة عن السؤال الثالث وهو : وهل إذا صلاهما عند رجوعه إلى المنزل قد يحصل أجر الحجة والعمرة ؟ ، تراجع الفتوى رقم :140047.
وللإجابة عن بقية السؤال الرابع ، فقد اختلف في المراد بمصلاه الذي صلى فيه هل يختص بالبقعة التي أوقع فيها الصلاة حتى لو انتقل إلى بقعة أخرى في المسجد لم يكن له هذا الثواب المترتب عليه ، أو المراد بمصلاه جميع المسجد الذي صلى فيه فلو انتقل إلى موضع آخر بالمسجد لم يكن خارجا عن مصلاه والثاني أرجح. كما سبق بيانه في الفتوى رقم :118699 ، أما إذا احتاج الجالس في مصلاه لانتظار الشروق إلى دخول الخلاء فينبغي أن يرجع إلى المسجد بعد وضوئه ليصلي به ركعتين ، فقد يحصل على الأجر المترتب على ذلك إن كان من عادته أن يجلس للذكر وانتظار الصلاة؛ إذ الظاهر أنه مثل المسافر والمريض اللذين يكتب لهما أجر الطاعة التي منعهما منها عذر السفر والمرض، وقد كانا يعملانها في حالتي الإقامة والصحة، ففي البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وهو في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها كما ورد ذلك صريحا عند أبي داود من طريق العوام بن حوشب بهذا الإسناد في رواية هشيم، وعنده في آخره كأصلح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم . انتهى. وانظر للفائدة الفتوى رقم : 153195. وله أن يذهب ويصلي في مكان آخر وهو مأجور على نيته وعلى وضوئه وصلاته ، ولو لم ينل أجر الحجة والعمرة.
والله أعلم.