السؤال
هل يجوز قول: لا حول ولا قوة إلا بالله عند الخوف من شيء ما، أو عند الرجاء أن يجنبني الله شيئا ما؟
يعني مثلا أهم بالذهاب لمكان معين ولكنني أخشى أن لا أصل له، أو أن يعيقني عنه عائق، فأقوم بترديد لا حول و لا قوة إلا بالله. رجاء أن يوصلني الله سالمة معافاة بحوله وقوته، و الحمد لله ربي الذي يوصلني سالمة معافاة.
ولكثرة ما أخشى الموت نتيجة لإصابتي بوسواس الخوف من الموت أرددها قبل أن أنام رجاء أن يبقيني الله بحوله وقوته على الحياة ذلك اليوم. خاصة أنني أكثر من قولها نتيجة لهمومي وكثرة تفكيري وقلقي، وخوفي الشديد من حدوث أشياء أو عوائق، فأكثر دائما منها رجاء أن يبعد الله عني ما أخشاه بحوله وقوته، وأن يساعدني على تمام أمري بدون أن يحدث ما أخشى.
فهل ما أقوم به مشروع أم أن ذلك لا يجوز لي ؟ هل نيتي باطلة ؟
فأنا إنسانة أعاني من هموم و لا سبيل لكي أرتاح إلا بقولها حتى أشعر أن الله سيكفيني ما أخشاه. بحوله و قوته.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ذكر الله تعالى هو أعظم ما تنشرح به الصدور وتطمئن به القلوب، كما قال تعالى: ألا بذكر الله تطمئن القلوب {الرعد:28}. قال ابن القيم رحمه الله: ذكر الله عز وجل يسهل الصعب، وييسر العسير ويخفف المشاق، فما ذكر الله عز وجل على صعب إلا هان، ولا على عسير إلا تيسر، ولا مشقة إلا خفت، ولا شدة إلا زالت، ولا كربة إلا انفرجت، فذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، والفرج بعد الغم والهم، يوضحه أن ذكر الله عز وجل يذهب عن القلب مخاوفه كلها، وله تأثير عجيب في حصول الأمن، فليس للخائف الذي قد اشتد خوفه أنفع من ذكر الله عز وجل، إذ بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه، حتى كأن المخاوف التي يجدها أمان له، والغافل خائف مع أمنه حتى كأن ما هو فيه من الأمن كله مخاوف، ومن له أدنى حس قد جرب هذا وهذا. والله المستعان. انتهى.
وقول العبد لا حول ولا قوة إلا بالله من أعظم الكلمات المشتملة على التفويض له سبحانه، والاعتراف بأنه وحده المتصرف في هذا الكون كيف يشاء، فلا يستطيع العبد أن يتحول عن حال إلى حال إلا بالله، ولا قوة له على شيء إلا أن يقويه الله تعالى، فهو لا يملك إلا ما ملكه الله، ولا يقدر إلا على ما أقدره الله عليه.
قال ابن بطال: ومعنى لا حول ولا قوة إلا بالله: لا حول عن معاصى الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بالله، قال النبى (صلى الله عليه وسلم) : (كذلك أخبرنى جبريل عن الله تعالى) . وروى عن علي بن أبي طالب تفسير آخر قال تفسيرها: إنا لا نملك مع الله شيئا، ولا نملك من دونه شيئا، ولا نملك إلا ما ملكنا مما هو أملك به منا. انتهى.
ومن ثم كانت هذه الكلمة كنزا من كنوز الجنة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذه الكلمة أثر عظيم بإذن الله في تيسير العسير وتهوين المشاق على العبد.
يقول ابن القيم رحمه الله: وهذه الكلمة لها تأثير عجيب في معالجة الأشغال الصعبة، وتحمل المشاق، والدخول على الملوك، ومن يخاف، وركوب الأهوال. ولها أيضا تأثير في دفع الفقر... وكان حبيب بن سلمة يستحب إذا لقي عدوا أو ناهض حصنا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإنه ناهض يوما حصنا للروم فانهزم، فقالها المسلمون وكبروا فانهدم الحصن. انتهى.
فإذا كان الله تعالى قد أذاقك من برد اليقين وثلج الطمأنينة بتكرار هذه الكلمة فلا حرج عليك البتة في لزومها وتكرارها ما شئت، وأكثري من ذكر الله تعالى مطلقا تسبيحا وحمدا وتهليلا، وقراءة للقرآن، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. فإن لذلك كله أعظم الأثر في انشراح الصدر وطمأنينة النفس.
والله أعلم.