لم يرد الله لنا التخلف عن الأمم دينا وشرعا بل كونا وقدرا

0 464

السؤال

هل أراد الله لنا التخلف عن الأمم الأخرى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإرادة الله تعالى تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: إرادة كونية قدرية، وهي التي بمعنى المشيئة، وضابط هذا القسم أمران :
1. أنها لابد أن تقع.      
2. أنها قد تكون مما يحبه الله تعالى، وقد تكون مما لا يحبه الله.
ومثال هذا القسم: قوله تعالى عن نوح عليه السلام: (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون) [هود:34]
القسم الثاني : إرادة دينية شرعية : وهي التي بمعنى المحبة . وضابط هذا القسم أمران أيضا:
1. أنها قد تقع وقد لا تقع.      
2. أنها لا تكون إلا مما يحبه الله تعالى ويرضاه.
ومثال هذا القسم قوله تعالى ( والله يريد أن يتوب عليكم) [النساء:27].
ومن هذا التقسيم يتبين لنا الجواب على هذا السؤال وهو أن يقال: إن الله تعالى أراد لنا التخلف عن الأمم كونا وقدرا، لأن كل شيء في هذا الكون لا يقع إلا بمشيئة منه سبحانه وتعالى، كما قال: (فلو شاء لهداكم أجمعين) [الأنعام:149] وقال: (ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد)[البقرة: 253] .
وباعتبار آخر نقول : إن الله تعالى لم يرد لنا التخلف عن الأمم دينا وشرعا، لأنه سبحانه وتعالى لا يحب ذلك، بل يحب أن تكون أمة الإسلام هي القائد لجميع الأمم، وذلك بتحقيق الإيمان والعودة إلى طاعة الرحمن، كما قال سبحانه: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) [آل عمران:139] .
وبهذا الاعتبار الأخير تكون الأمة محاسبة على حدوث هذا التخلف والسير في ركب الأمم الكافرة وعدم الأخذ بأسباب القوة والتقدم، لأنها مكلفة شرعا بتحقيق أسباب الرقي والتقدم.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن الإرادة الكونية القدرية ليس فيها حجة للعباد في ارتكاب الذنوب والمعاصي، والدليل على ذلك أن الله تعالى أنكر مثل هذا الاحتجاج على المشركين، كما قال تعالى (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون)[الأنعام:148] .
وخلاصة الإجابة على السؤال أن الله تعالى لم يرد لنا هذا التخلف في دينه وشرعه وإن كان واقعا في هذا الكون بمشيئته.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة