حكم عمل الطبيب إن ألزم بالتأمين التجاري وهل له أن يوقع على أدوية لمرضى لم يفحصهم

0 289

السؤال

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من نفع للمسلمين ودعائي لكم بالإخلاص والتوفيق والقبول، الرجاء وبكل محبة أن تجيبوني على كل هذه الأسئلة المتعلقة أساسا بالتأمين التجاري دون أن تحيلوني إلى فتاوى أخرى، لأنني أنوي نشر هذه الفتوى كما هي بين الأطباء وإدراجها في كتيب يعنى بفقه المسلم الطبيب ـ إن شاء الله تعالى ـ طبيب مسلم أقطن ببلد مسلم، والنظام التأميني في هذ البلد يقوم فقط على التأمين التجاري المحرم ـ لا يوجد تأمين إسلامي تعاوني تكافلي ـ حتى يتسنى لي العمل كطبيب فإنني أمام خيارين:
أ‌ـ العمل في القطاع العمومي ـ الحكومي ـ وفيه:
1ـ إجبارية انخراط الطبيب كمواطن في منظومة التأمين التجاري.
ب‌ ـ العمل في القطاع الخاص وفيه:
2ـ حرية انخراط الطبيب كمواطن في منظومة التأمين التجاري.
3ـ حرية تعاقد الطبيب مع منظومة التأمين التجاري، لكن نظرا لأن الغالبية الساحقة من الزبائن المرضى يتمتعون بالتأمين التجاري ـ وهو مما عمت به البلوى ـ فإن عدم إبرام هذا التعاقد ـ تعاقد الطبيب مع منظومة التأمين التجاري ـ يجعل من مشروع فتح عيادة طبية خاصة مشروع خاسر بالمرة ـ هذا حسابيا والله أعلم بأرزاق الله ـ لصعوبة استقطاب هؤلاء المرضى، أي أن فئة الزبائن بالنسبة للطبيب الذي لا يقوم بهذا التعاقد تكون مقتصرة تقريبا على المرضى الذين هم خارج منظومة التأمين التجاري ـ وهي فئة نادرة ـ مما يغلب على الظن بنسبة كبيرة جدا فشل مشروع فتح هذه العيادة.
ت‌ ـ وفي كلتا الحالتين، سواء كان العمل في القطاع العمومي أو الخاص، فإنه تعترض الطبيب أمور أخرى:
4ـ بعد فحص المريض يقوم الطبيب بالتوقيع على استمارات، يقدمها المرضى المنخرطين في منظومة التأمين التجاري، من أجل استرجاع مصاريف الأدوية والتحاليل والكشوفات من وكالات التأمين، وهذا يتم بشكل يومي تقريبا مع العلم أن هذا الأمر يعتبره قانون هذه البلاد حقا للمرضى.
5ـ يطلب أحيانا من الطبيب ـ الطلب يأتي من المرضى أو من الإطار شبه الطبي أو غيرهم:
1ـ التوقيع على وصفات طبية لأدوية وتحاليل لمرضى لم يفحصهم.
2ـ أو يطلب منه، حين كتابة الوصفة الطبية، إضافة بعض الأدوية:
أ‌ـ التي قد قام المريض بشرائها سابقا دون وصفات طبية أو استشارة الطبيب.
ب‌ ـ أو التي قد يحتاجها المريض في غالب الظن في حياته اليومية ـ مثل عقاقير الحمى.
ت‌ ـ أو لمرضى فقراء عاجزين عن شراء الأدوية، لكن ليسوا منخرطين في منظومة التأمين، وذلك من أجل استرجاع مصاريف هذه الأدوية من وكالات التأمين علما أن الطبيب يجهل قدر مبلغ اشتراك هذا المريض في هذه الوكالات وهل استهلك حقه أم لا، لأنه كما هو معلوم ليس له أن ينتفع إلا بما اشترك به، ثم إذا سأل المريض عن ذلك فالإجابة ستكون حتما أن ذلك من حقه أي من حق المريض فالرجاء أن تفتوني: ما حكم العمل في القطاع العمومي؟ وما حكم العمل في القطاع الخاص والحالة كما وصفت مع تفصيل في العوائق التي ذكرتها لكم من الناحية الشرعية؟ وهل لي أن أعول على سؤال المريض عن حقه قبل التوقيع على استمارات التأمين؟ ثم هل تنصحونني بالبحث عن عمل آخر غير مهنة الطب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن التأمين التجاري بكافة أنواعه وصوره محرم لقيامه على الغرر والقمار والميسر، ولا يباح هذا النوع من التأمين إلا في حال كان إلزاميا، ولا يمنع الطبيب من العمل في القطاع الحكومي لوجود التأمين التجاري فيه ويبوء بإثم التأمين من أمر به وجعله لازما لكل من يعمل في هذا القطاع، وفي حال عمل الطبيب في القطاع الخاص فلا يجوز له إجراء عقد تأمين تجاري والتعامل به مالم تلجؤه الضرورة والحاجة الماسة, وهذه الضرورة والحاجة تقدر بقدرها فمتى ما وجد البديل وهو التأمين الإسلامي التعاوني أو زالت الحاجة زال حكم الإباحة، وأما توقيع الطبيب على وصفات طبية لمرضى لم يفحصهم، أو إضافة أدوية لا يحتاجها المريض بناء على طلب المريض بدعوى أن ذلك من حقه فهذا لا يجوز ولو فتح هذا الأمر لتوصل به إلى نهب الأموال وأخذها بغير حق وقد جاء في الحديث: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه.

وفي رواية: واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره وحسنه النووي في الأربعين، وقال: وبعضه في الصحيحين.

والطبيب ليس قاضيا ولا يمكنه التحقق من الدعاوى ونحو ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى