السؤال
ما هي الصفات التي يجب أن تكون في الرجل؟ وهل الشدة يجب أن تكون في الرجل؟ وكيف يكتسبها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الرجل والمرأة أن يعملا بما أوجب الله من الأعمال وأن يتصفا بالصفات التي يحبها الله تعالى ويبتعدا عما يكرهه الله من الصفات، وراجع في بيان بعضها الفتويين رقم: 47241، ورقم: 74127.
ومن السمات المهمة التي جعلها بعض العلماء أساسا للأخلاق الفاضلة التخلق بالرحمة واللين والرفق وعدم الغلظة والشدة، فقد قال الله سبحانه في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك {آل عمران:159}.
فوصفه بخلق الرحمة ولين الجانب، ونفى عنه ما يقابلهما من سوء الأخلاق، وقال سبحانه: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم {التوبة:128}.
وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله. رواه الترمذي وغيره.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله... رواه البخاري.
ويروى عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه صعد المنبر فقال: اللهم إني شديد فليني، وإني ضعيف فقوني، وإني بخيل فسخني. رواه ابن سعد في الطبقات.
ومن الأخلاق المهمة ما ذكر ابن حجر في فتح الباري فقد ذكر أن أمهات الأخلاق الشجاعة والجود والحكمة وذلك عند شرحه لحديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس.
وقال ابن حزم في الأخلاق والسير: أصول الفضائل كلها أربعة عنها تتركب كل فضيلة، وهي: العدل والفهم والنجدة والجود، أصول الرذائل كلها أربعة عنها تتركب كل رذيلة، وهي أضداد الذي ذكرنا وهي: الجور والجهل والجبن والشح. اهـ.
وقد تطلب الشدة في بعض الأحيان كما في قول الله تعالى: يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير {التوبة:73}.
وكان صلى الله عليه وسلم يشتد عليهم عند الحاجة عملا بما شرع له في ذلك، كقوله تعالى: قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون {الزمر:64}.
وقال تعالى: أشداء على الكفار رحماء بينهم {الفتح: 29}.
قال السعدي في تفسيره: يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار، أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم: أشداء على الكفار أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم المسلمون: رحماء بينهم ـ أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، هذه معاملتهم مع الخلق. انتهى.
ومثل هذا تطبيق الحدود فلا يجوز التساهل فيها إذا رفعت إلى الحاكم وثبتت بالبينة فلا عفو ولا إسقاط ولا شفاعة، فقد قال الله تعالى: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر{النــور: 2}.
ولذلك لما جاء أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشفع في المرأة المخزومية التي سرقت لم يقبل شفاعته وقال له: أتشفع في حد من حدود الله.
والقصة معروفة مشهورة وهي مخرجة في الصحيحين.
وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: فإن إقامة الحد من العبادات كالجهاد في سبيل الله فينبغي أن يعرف أن إقامة الحدود رحمة من الله بعباده، فيكون الوالي شديدا في إقامة الحد، لا تأخذه رأفة في دين الله فيعطله ويكون قصده رحمة الخلق بكف الناس عن المنكرات، لا شفاء غيظه وإرادة العلو على الخلق. انتهى.
والله أعلم.