السؤال
مسلم اشترك مع كافر في التجارة، ولكن الكافر تعامل بالربا، وأضاف إلى هذه التجارة بعض الأموال الربوية. فما حكم هذا الاشتراك، علما أن المسلم قد أنفق كثيرا من أمواله في هذه التجارة ولا يستطيع أن يردها إلا بخسارة كبيرة على نفسه.
أفيدونا وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره بعض أهل العلم مشاركة من لا يتوقى الحرام كأهل الكفر والفسوق.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في شرح البهجة: ولكن تكره الشركة مع الكافر، ومن لا يحترز من الربا ونحوه. اهـ
وقال الشيرازي في المهذب: ويكره أن يشارك المسلم الكافر، لما روى أبو حمزة عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: لا تشاركن يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا. اهـ.
وجاء في كشاف القناع: (وتكره مشاركة مجوسي ووثني ومن في معناه ممن يعبد غير الله تعالى، وظاهره ولو كان المسلم يلي التصرف. قال أحمد في المجوسي: ما أحب مخالطته ومعاملته، لأنه يستحل ما لا يستحل هذا.)
وما ذلك إلا خشية أن يدخل على شريكه الحرام.
جاء في مجلة مجمع الفقه الإسلامي: فإن كان الشريك الذي يتحرج من الربا يشارك في نشاطها ويطلع عليه بحيث يمنع من تسرب الربا إليها فهذا جائز، وإن لم يكن كذلك بل تجري معاملاته في غيبته، فإن ذلك لا يجوز بداية، ويصح عقد الشركة في النهاية. فإذا تحقق وقوع بعض المعاملات الربوية فإنه يتصدق بالربح المتعلق بتلك المعاملة وجوبا لتطهير ماله، وإذا لم يتحقق بل شك في ذلك فإنه يندب له التصدق. اهـ
وقال ابن قدامة في الشرح الكبير :(فأما ما يشتريه أو يبيعه من الخمر بمال الشركة أو المضاربة فإنه يقع فاسدا وعليه الضمان لأن عقد الوكيل يقع للموكل، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير فأشبه شراء الميتة والمعاملة بالربا، وأما خفي أمره ولم يعلم فهو مباح) اهـ
وبناء عليه، فما علم الشريك المسلم أنه من فوائد الربا ومكاسب المعاملات المحرمة لا يحل له الانتفاع به، وما جهله لا حرج عليه فيه، وعليه في ما يستقبل من عمل الشركة منع شريكه في التصرف في مال الشركة على نحو محرم فإن الشريك وكيل عن شريكه ولا يحل لمسلم توكيل شريكه في الحرام، فإن امتنع وإلا فسخ الشركة معه.
وراجع الفتوى رقم: 35470.
والله أعلم.