الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المشاركة بجزء من المحل بما فيه

السؤال

أنا صاحب محل تجاري منذ أكثر من عشر سنوات، وقد قدّر الله أن يتراجع الوضع الاقتصادي لدي في المحل، حتى أصبحت مدينًا لكثير من الأقارب والتجار، ووصل بي الحال إلى عدم القدرة على دفع إيجار المحل، وفواتير الكهرباء، والتراخيص، وأصبح المحل على وشك الإغلاق، والحمد لله على كل حال.
حتى يسر الله لي أحد أقاربي من المحبين، فاقترح أن يدخل شريكًا معي مناصفة في المحل، فوافقت على ذلك، واتفقنا على أن يدفع لي عشرة آلاف دينار ثمن حصته في المحل نقدًا، على دفعات حسب حاجة المحل وما أراه مناسبًا للتجارة. وكان المحل مطالبًا بدين للتجار يقارب تسعة آلاف دينار، فاتفقنا أن يتحمل نصفه بموجب الشراكة، وأن نقوم بسداد هذا المبلغ من دخل المحل مناصفة بيننا، وبذلك أصبح شريكًا في ديون المحل أيضًا، لأنه بموجب الاتفاق أصبح المحل ملكًا لنا مناصفة.
وعلى هذا الأساس، صلينا الاستخارة وتوكلنا على الله، ثم سلّمني جزءًا من المبلغ المتفق عليه، فقمت بشراء البضائع به. ولكنني تفاجأت بأحد الإخوة الأفاضل، ممن أطلعته على تفاصيل الشراكة، يخبرني بأن العقد فاسد شرعًا؛ لأن المبلغ المتفق عليه كان يجب أن يُقبض كاملًا نقدًا عند الاتفاق، وليس على دفعات، كما أن الدين لا يجوز اقتسامه على هذا النحو؛ لأنه من بيع الدين بالدين.
فوقعت في حيرة وضيق شديد، حيث لا أملك القدرة على إعادة المال إلى الشريك وفسخ الشراكة، وليس لدي أي عقار أو سيارة يمكنني بيعها للخروج من هذا المأزق، وسيترتب على ذلك مفاسد لا يعلمها إلا الله، ويضيق المقام عن ذكرها.
لذا؛ أرجو منكم النظر في حالي، وإفادتي بالفتوى الشرعية حول هذه المسألة. وفقكم الله لما يحب ويرضى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه من السؤال أنك قد بعت جزءاً من المحل لقريبك، ليكون شريكًا لك.

وهذا الجزء الذي بعته إياه يشمل البضائع والديون، وغير ذلك مما يشتمل عليه المحل، وهذا لا حرج فيه، وليس من قبيل بيع الدَّين الممنوع؛ لأن الدَّين هنا تابع غير مقصود، ويصح تبعًا ما لا يصح استقلالًا.

وقد جاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية: إذا كان الدَّين جزءًا من موجودات كيان قائم، له أنشطة مستمرة، مباحة، تجارية، أو مالية، أو صناعية، أو عقارية، أو خدمية، أو زراعية، أو اســتيراد وتصدير، أو بيع وشــراء السلع، ونحــو ذلك؛ فإنه يجوز بيع ذلك الكيان، أو حصة منــه دون مراعاة أحكام بيع الدَّين في موجوداته من الديون مهما كانت نســبتها، ما دامت هذه الديون تتولد من تقليب أنشطته؛ لكونها تابعة للنشاط، مثل: أســهم الشركات المساهمة بما فيها المصارف الإسلامية، ووحدات الصناديق الاستثمارية، وصكوك المضاربة والوكالة بالاستثمار، بشرط ألا يكون الكيانُ متمحضًا في الديون. اهـ.

وعلى هذا؛ فلا حرج في تلك المعاملة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني