زاد وعُدة من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر

0 281

السؤال

من الناس الذين أراهم يفعلون ما يخالف الشرع رجالا كبارا في السن وبعدما أكلمهم فإن بعضهم لا يعجبه وبعضهم لا يجيبني ويستمر في فعله المخالف للشرع ولا يبالي بما أقوله له وأحدهم عاتبني، لأنني نصحته، فماذا أفعل مع هؤلاء؟ وهل أستمر في نصحهم دائما كلما رأيت منهم المخالفة وإن لم يعجبهم وإن عنفوني؟ وهل أكرر لهم النصيحة كل مرة سواء قبلوا أم لا؟ أم ماذا أفعل معهم؟ وكيف أتصرف معهم؟ ومن أنصح منهم؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا ريب أن الدعوة إلى الله تعالى فريضة عظيمة وفضيلة وقربة إلى الله تعالى، قال سبحانه: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون {آل عمران: 104}. 

وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.. الحديث.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري وغيره.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليبلغ الشاهد منكم الغائب.. وهو في الصحيحين وغيرهما.

ويقول: إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير. رواه الترمذي.

فعليك أن تصبر ولا تمل ولا تضعف وتيأس، فالدعوة تحتاج إلى صبر ومصابرة، فنوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو قومه، ليلا ونهارا، كما قال الله تعالى عنه: قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا {نوح:5-9}.
 

  قال النووي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال العلماء ـ رضي الله عنهم: ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكونه لا يفيد في ظنه، بل يجب عليه فعله، فإن الذكرى تنفع المؤمنين وقد قدمنا أن الذي عليه الأمر والنهي لا القبول. اهـ من شرح صحيح مسلم.

وينبغي التلطف مع المدعو واختيار الأوقات المناسبة لدعوته وعليك بالاستعانة بالله تعالى والتضرع اليه أن يهديهم فقد تكلم شخصا فينفر من نصحك وإذا دعوت الله له استجاب الله تعالى دعاءك بكلامك فاستجاب لنصحك، وانتهى عما نهيته عنه، ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت يا رسول الله: إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اهد أم أبي هريرة فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف فسمعت أمي خشف قدمي فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من شدة الفرح، قال: قلت يا رسول الله: أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وأثنى عليه، وقال خيرا ـ إلى آخر الحديث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة