السؤال
رجل يتوضأ لكل صلاة، تيمم في الطائرة وصلى مخافة أن يذهب وقت صلاة الفجر مع وجود الماء في الطائرة، ولكنكم تعلمون أن الطائرة لا يوجد بها خرطوش ماء لكي يغسل به الإنسان ما أصاب بدنه وثوبه من نجاسة. وصلى هذا الرجل متجها بما استطاع من وجهه وصدر نحو القبلة. فهل صلاته صحيحة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال فيه شيء من عدم الوضوح ولذلك ستتم إجابته طبقا لما فهمنا منه، فإذا كان المراد بقولك: رجل يتوضأ لكل صلاة . أنه مواظب على الوضوء ولكنه تيمم في الطائرة مع وجود الماء، فإن كان يستطيع استعماله بأي حال من الأحوال الممكنة لم تصح صلاته، وعليه قضاؤها ؛لأن الوضوء شرط في صحة الصلاة فلا تصح بدونه، إلا عند عدم الماء أو عدم القدرة على استعماله فإن التيمم يحل محله حينئذ، والغالب أن الوضوء في الطائرة ممكن، والعذر الذي ذكر من عدم وجود خرطوش للاستنجاء ونحوه غير متجه، وحتى لو افترضنا أنه تلبس بنجاسة فإن ذلك لا يغير شيئا في وجوب الوضوء ولا في صحته، ويبقى النظر في حكم الصلاة حال التلبس بالنجاسة، فإن كان يستطيع إزالتها فلا يجوز له أداء الصلاة حال التلبس بها عالما وإلا لم تصح صلاته ويجب عليه قضاؤها، وإن كان جاهلا فصلاته صحيحة عند بعض أهل العلم، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وللتفصيل راجع الفتوى رقم: 67038 ، وإن لم يمكنه الوضوء بحال من الأحوال الممكنة فما قام به من التيمم وأداء الصلاة في وقتها كان صوابا، وكذلك إن لم يستطع إزالة النجاسة صلى على حاله لأن طهارة الخبث مشروطة بالذكر والقدرة وتسقط بالعجز والنسيان.
ففي مجموع الفتاوى للشيخ محمد بن صالح العثيمين: جوابا لسؤال جاء فيه: إذا عدم الماء أو تجمد, أو حيل بين استعماله خشية تسربه ووقوع أضرار منه في الطائرة أو لم يكن كافيا, فكيف يكون الوضوء مع عدم وجود التراب؟
فأجاب فضيلته بقوله: الوضوء حسب ما ذكرت متعذر أو متعسر والله تعالى يقول: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) . فيتيمم الراكب على فراش إن كان فيه غبار، وإن لم يكن فيه غبار فإنه يصلي ولو على غير طهارة للعجز عنها, وقد قال الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) . لكن إذا كان يمكن أن يهبط في المطار في آخر الوقت الثانية وهي مما يجمع إليها ما قبلها, .. فلينو جمع التأخير ويصل صلاتين إذا هبط في المطار,.أما إذا كان لا يمكن كما لو كان هذا هو وقت الثانية في المجموعتين، أو كانت الصلاة لا تجمع إلى ما بعدها كصلاة العصر مع المغرب، وصلاة العشاء مع الفجر مع الظهر فهذا يصلي على حسب حاله. انتهى.
ثم إن ما قام به من استقبال القبلة حسب الاستطاعة هو المطلوب في هذه الحالة، لأن استقبال القبلة شرط لصحة الفريضة إلا عند العجز، فعند ذلك يأتي بما قدر عليه، وانظر الفتوى رقم :178121 .
والله أعلم.