الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من يجد في السجود مشقة كبيرة

السؤال

أنا بنت عندي 16 سنة، وعندما أصلي، وأقوم بالركوع تؤلمني رقبتي بشدة، ولا أعلم ما بها، وتحمرّ ركبتي، ولا أستطيع الخشوع في الركوع، حتى أنني أوقفت الدعاء في الركوع بسبب ألم ركبتي. ولا أفعل إلا التسبيح أي: سبحان ربي الأعلى، وأرفع سريعا من ركوعي من كثرة ألم ركبتي.
وللعلم أنني لا أصلي على البلاط، بل أصلي على أرضية إسمنتية، والسجادة سمكها جيد نوعاً ما، وأضع تحتها قطعتين من قماش، ولا زال هناك ألم.
فما الحكم إن قعدت على كرسي في هذا الوقت، وهل سينقص من أجري؟ وهل يمكنني السجود بنفس طريقة الركوع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلفظ السؤال مشكل! والذي يمكن فهمه منه أن السائلة إنما تعني السجود لا الركوع، في قولها: (أقوم بركوعي)، وقولها: (ولا أستطيع الخشوع في الركوع)، وقولها: (الدعاء في الركوع)، وقولها: (وأرفع سريعا من ركوعي)! لأن السجود هو الذي يتأتى فيه ألم الرقبة والركبة واحمرارها، وهو الذي يتأثر فيه المصلي بحال الفراش، والأرض التي يصلي عليها، وهو الذي يقال فيه: (سبحان ربي الأعلى)، وقد ختمت السائلة سؤالها بعبارة: (هل يمكنني السجود بنفس طريقة الركوع)؟

وعلى ذلك، فإن كنت تستطيعين أن تسجدي سجدة خفيفة جدا، ولو بقدر تسبيحة واحدة، لزمك السجود، لأن ركن الطمأنينة في السجود يتحصل بذلك، وإن لم تستطيعي فيجزئك الإيماء بالسجود، وراجعي في ذلك الفتويين: 93192، 199599. ويسقط عنك حينئذ السجود ببقية الأعضاء.

قال ابن قدامة في المغني: إن ‌سقط ‌السجود ‌على ‌الجبهة، لعارض من مرض أو غيره، سقط عنه السجود على غيره؛ لأنه الأصل وغيره تبع له، فإذا سقط الأصل سقط التبع. اهـ.

وقال ابن رجب في قواعده: المريض إذا ‌عجز ‌في ‌الصلاة ‌عن ‌وضع وجهه على الأرض، وقدر على وضع بقية أعضاء السجود؛ فإنه لا يلزمه ذلك على الصحيح؛ لأن السجود على بقية الأعضاء إنما وجب تبعا للسجود على الوجه وتكميلا له. اهـ.

ولا تسجدي بطريقة الركوع، ولكن اجلسي، وأومئي بالسجود، وأنت جالسة، لأن الجلوس ‌للسجود كالقيام للركوع، كما قال اللخمي في التبصرة.

وقال النفراوي في «الفواكه الدواني»: والحاصل أن العاجز عن الركوع والسجود يومئ لهما من قيام إن عجز عن الجلوس، وإن قدر على الجلوس أومأ إلى الركوع من قيام، وإلى ‌السجود ‌من ‌جلوس. اهـ.

وقال ابن قدامة في «المغني»: ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر ما يمكنه. اهـ.

ولأن الجلوس بين السجدتين ركن مستقل يجب الإتيان به عند القدرة، وراجعي في ذلك الفتويين: 46939، 136130.

وراجعي في ضابط المشقة التي يسقط بها الإتيان بالركن، الفتوى: 221410.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني