السؤال
أعاني من وسوسة شديدة وأحاول بكامل جهدي وطاقتي عدم الإنصات لها، بالأمس نويت الصوم لقضاء يوم من أيام رمضان وبعدها ذهبت لأنام فرأيت في منامي شيئا بدأ يتحرك في داخلي من الشهوة وشعرت بالشهوة فاستيقظت مباشرة قبل أن يكتمل، وأنا متأكدة أنه لم يخرج مني شيء، لكنني وجدت شيئا في ملابسي الداخلية مما أثار الشكوك والوساوس لدي فلا أدري هل ذلك خرج بسبب ما رأيته أم لا، علما بأن ذلك حدث قبل حوالي خمس دقائق من أذان الفجر، إذ لا يسعفني الوقت كي أغتسل وأجدد نية الصيام، فهل صيامي صحيح في ضوء المذهب الشافعي؟ أرجوكم أعطوني الحكم في مذهب الشافعية فهو مذهبي، وسؤال آخر: وجدت في فتواكم أن الغسل من الجنابة من الجماع ليس من شروط صحة الصوم، فكيف؟ مع أن الذي أعرفه أنه يجب علي الغسل من الجنابة من الجماع والحيض قبل الفجر وإلا فصيامي غير صحيح وعلي القضاء، ويحرم الجماع في نهار رمضان وكذا يحرم الصيام على الحائض، الرجاء إذا كانت معلوماتي خاطئة أن تصححوها من قبل فقهاء الشافعية، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما تحريم الصيام على الحائض وتحريم الجماع في نهار رمضان فمجمع عليه، وأما صوم الجنب وإن لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر فإنه صحيح عند عامة العلماء ـ بمن فيهم الشافعية ـ ولا خلاف بين الشافعية في هذا، قال النووي رحمه الله: إذا جامع في الليل وأصبح وهو جنب صح صومه بلا خلاف عندنا وكذا لو انقطع دم الحائض والنفساء في الليل فنوتا صوم الغد ولم يغتسلا صح صومهما بلا خلاف عندنا، وبه قال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وممن قال به علي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي ذر وزيد ابن ثابت وأبو الدرداء وابن عباس وابن عمر وعائشة ـ رضي الله عنهم ـ وجماهير التابعين والثوري ومالك وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور، قال العبدري وهو قول سائر الفقهاء... دليلنا نص القرآن، قال الله تعالى: فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلي الليل ـ ويلزم بالضرورة أن يصبح جنبا إذا باشر إلى طلوع الفجر والأحاديث الصحيحة المشهورة منها حديث عائشة وأم سلمة ـ رضي الله عنهما ـ قالتا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم رواه البخاري ومسلم، وفي روايات لهما في الصحيح: من جماع غير احتلام، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم فيغتسل ويصوم، رواه البخاري ومسلم، وعنها أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب أفأصوم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال لست مثلنا يارسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي، رواه مسلم. انتهى.
وبه يتبين لك صحة ما قرأته في فتاوانا وأنه موافق لكلام الشافعية وغيرهم، وأما ما حصل لك فإنه لا يضر، ولا يلزمك الغسل أصلا إذا شككت في الخارج هل هو مني أو غيره كما يرى ذلك فقهاء الشافعية، وإنما تتخيرين عندهم فتجعلين للخارج حكم ما شئت منهما، وانظري الفتوى رقم: 64005.
ولا يلزمك تجديد النية على تقدير حصول الجنابة لما قدمناه من أن الجنب له أن يؤخر الغسل حتى يطلع الفجر ولا يضره ذلك، ولو احتلم الشخص في نهار رمضان لم يفسد صومه بذلك لا عند الشافعية ولا غيرهم، فعليك أن تعرضي عن الوساوس وأن تطرحيها عنك وألا تلتفتي إليها فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي بصاحبه إلى شر عظيم، ولبيان كيفية علاج الوسوسة انظري الفتويين رقم: 134196، ورقم: 51601.
والله أعلم.