السؤال
شيوخي الأفاضل أطال الله أعماركم...أود أن أسأل عن صحة الحديث التالي: وعن جابر بن عبد الله أن قتادة بن النعمان أصيبت عينه يوم أحد حتى سالت على خده، فردها رسول الله مكانها، فكانت أحسن عينيه وأحدهما، وكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى، وروى الدارقطني بإسناد غريب عن مالك، عن محمد بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن أخيه قتادة بن النعمان قال: أصيبت عيناي يوم أحد، فسقطتا على وجنتي، فأتيت بهما رسول الله فأعادهما مكانهما، وبصق فيهما فعادتا تبرقان ـ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الخبر قال عنه د. بشار عواد معروف في تحقيقه تهذيب الكمال في أسماء الرجال: أخرجه أبو يعلى عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، عن عاصم ابن عمر بن قتادة، عن أبيه عن قتادة بن النعمان أنه أصيبت عينه يوم بدر، فسالت حدقته على وجنته، فأرادوا أن يقطعوها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا، فدعا به، فغمز حدقته براحته، فكان لا يدري أي عينيه أصيبت ـ وهذا سند قابل للتحسين، وأخرجه أيضا من طريق يعقوب بن محمد الزهري، عن إبراهيم بن جعفر، عن أبيه، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن جده، وهو منقطع وجاء من وجه آخر، أنها أصيبت يوم أحد، فقد قال السهيلي: رواه محمد بن أبي عثمان الأموي عن عمار بن نصر، عن مالك بن أنس، عن محمد بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن أخيه لأمه قتادة بن النعمان قال: أصيبت عيناي يوم أحد، فسقطتا على وجنتي، فأتيت بهما النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادهما مكانهما، وبصق فيهما، فعادتا تبرقان، قال الدارقطني: هذا حديث عن مالك انفرد به عمار بن نصر عن مالك، وهو ثقة، وأخرج الدارقطني وابن شاهين من طريق عبد الرحمن بن يحيى العذري، عن مالك، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن قتادة بن النعمان أنه أصيبت عينه يوم أحد، فوقعت على وجنتيه، فردها النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت أصح عينيه، وعبد الرحمن بن يحيى، قال العقيلي: مجهول، لا يقيم الحديث من جهته.
وقال الإمام الواقدي في المغازي غزوة أحد 1/ 242: ... وأصيبت عين قتادة بن النعمان، حتى وقعت على وجنته، قال قتادة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أي: رسول الله، إن تحتي امرأة شابة جميلة أحبها، وتحبني، وأنا أخشى أن تقذر مكان عيني، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها، فأبصرها وعادت كما كانت، فلم تضرب عليه ساعة من ليل أو نهار، وكان يقول بعد أن أسن: هي والله أقوى عيني، وكانت أحسنهما اهـ: المغازي.
وانظر: شرح الزرقاني على المواهب 2/ 42، 43.
ويحكى أنه قد وفد على عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ رجل من ذرية قتادة بعد ذلك زمن التابعين فسأله عمر من أنت ؟ فقال: أنا ابن الذي سالت على الخد عينه ... فردت بكف المصطفى أيما رد فعادت كما كانت لأول أمرها ... فيا حسن ما عين ويا حسن ما خد، فقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا وأحسن جائزته.
وانظر الفتويين رقم: 62740، ورقم: 27062.
والله أعلم.