السؤال
تزوجت الثانية بدون علم والدتي، مع العلم أني ولدها الوحيد وتعيش معي، وليس لها أحد سواي بعد الله تعالى. وما إن علمت بزواجي هذا حتى قالت لي وبالنص: قلبي وربي غاضب عليك من اليوم إلى يوم القيامة، لا أنت ابني ولا أعرفك. وخرجت من البيت ورفضت العودة حتى أطلق، واستمرت على هذا الحال أياما وليالي، وكان الأهل والأقارب يأتون إلي يخبروني أن أتقي الله في أمي العجوز التي تدعو علي، وتلطم خدها وتنوح وتضرب رأسها في الجدران ليل نهار، وكل هذا من أجل أن أطلق زوجتي الثانية التي هي والله الذي لا يعبد سواه نعم الزوجة الصالحة، وما مبرر أمي سوى أن زوجتي الأولى ابنة أخيها التي تربت وعاشت بحضنها. خوفي على أمي العجوز75عاما وما بها من أمراض القلب والشرايين وأمراض الشيخوخة، خوفي أن تصاب بجلطة تودي بحياتها، خوفي من دعائها علي أن يصيبني مكروه، رفضها أن تقابلني وأقسمت أن وجهي محرم عليها حتى قيام الساعة ما لم أطلق. جعلني أطلق، ويعلم الله أني طلقت خوفا على أمي وأن تحيق بي صفة العقوق، وأن تموت بسببي. فهل طلاقي من باب طلاق المكره؟ أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق إذا صدر من الزوج من غير اختيار وإنما أكره عليه –بغير حق- فهو غير معتبر، وانظر الفتوى رقم : 126302.
لكن الإكراه المعتبر له شروط.
قال المرداوي: يشترط للإكراه شروط: أحدها: أن يكون المكره بكسر الراء قادرا بسلطان أو تغلب، كاللص ونحوه. الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به، إن لم يجبه إلى ما طلبه، مع عجزه عن دفعه وهربه واختفائه. الثالث: أن يكون ما يستضر به ضررا كثيرا، كالقتل والضرب الشديد، والحبس والقيد الطويلين، وأخذ المال الكثير. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي.
وراجع الفتوى: 42393.
وجاء في حواشي تحفة المحتاج في شرح المنهاج: ولا يحصل الإكراه بطلق زوجتك، وإلا قتلت نفسي. كذا أطلقوه قال الأذرعي، ويظهر عدم الوقوع إذا قاله من لو هدد بقتله كان مكرها كالولد. اهـ. وهو حسن. اهـ.
وفي حاشية البجيرمي: وليس من الإكراه قول من ذكر طلق زوجتك وإلا قتلت نفسي ما لم يكن نحو فرع أو أصل.
وعليه فالذي يحدد كون حالتك بلغت حد الإكراه هو معرفة واقع أمك ومدى جديتها في ما هي فيه وتأثيره على صحتها.
والله أعلم.