السؤال
أنا رجل متزوج، ولديّ أطفال. تزوجتُ زوجة ثانية (مطلّقة) دون علم زوجتي الأولى، وتمّ الزواج بشكل شرعي.
وبعد أن علمت زوجتي الأولى، أجبرتني على تطليق الثانية، فقلت لها عبر الهاتف: "طالق، طالق، طالق"، ثم أرسلتُ تسجيلًا صوتيًّا بنفس اللفظ. فهل بذلك تصبح زوجتي الثانية محرّمة عليّ حتى تنكح رجلًا غيري؟ أم يحقّ لي ردّها إلى عصمتي؟ وإذا كان الأمر جائزًا، فكيف يكون ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنّك تقصد بإجبار زوجتك لك على طلاق زوجتك -تقصد به- الضغط الأدبي والإلحاح، وهذا لا يمنع وقوع الطلاق، بخلاف الإكراه المعتبر؛ فإنّه يمنع وقوع الطلاق.
وإنما يكون الإكراه المعتبر عند غلبة الظنّ بحصول ضرر شديد، كالقتل، أو الضرب الشديد، ونحو ذلك.
قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: يشترط للإكراه شروط:
أحدها: أن يكون المكره -بكسر الراء- قادرًا بسلطان، أو تغلب، كاللص ونحوه.
الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به، إن لم يجبه إلى ما طلبه، مع عجزه عن دفعه، وهربه، واختفائه.
الثالث: أن يكون ما يستضر به ضررًا كثيرًا، كالقتل، والضرب الشديد، والحبس، والقيد الطويلين، وأخذ المال الكثير. انتهى.
وعليه؛ فما دمت تلفظت بطلاق زوجتك مختارًا بلفظ صريح؛ فقد وقع طلاقك، لكن إذا كنت لم تقصد بتكرار لفظ الطلاق -وكذا بتسجيله صوتيًا وإرساله لزوجتك- لم تقصد إيقاع أكثر من طلقة؛ فلم يقع إلا طلقة واحدة. وراجع الفتوى: 455206.
وحيث وقعت طلقة واحدة، ولم تكن طلقتها قبل ذلك أكثر من طلقة؛ فطلاقك لها رجعي؛ فتجوز لك رجعتها في العدّة بمجرد قولك: راجعت زوجتي. وقد بينّا ما تحصل به الرجعة شرعًا في الفتوى: 54195.
والله أعلم.