السؤال
عندما كنت مريضا كان ينزل من أنفي سائل مخاطي إلى فمي وكنت أبتلعه من دون قصد، والآن والحمد لله شفيت لكن نزول السائل المخاطي إلى فمي لم يتوقف، والآن جاء رمضان وفي نهار رمضان ينزل السائل المخاطي إلى فمي ولا أستطيع أن أخرجه إطلاقا فأبتلعه وأنا صائم، أرجو أن تقولوا لي إذا كان هذا من المفطرات أم لا، وإذا كان من المفطرات وكنت لا أدرى، فهل علي أن أصوم الأيام التي ابتلعت فيها السائل المخاطي أم لا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 140053، أقوال العلماء في بلع البلغم أو النخامة إذا وصلت إلى الفم وأن بعضهم رجح عدم الفطر بتعمد ابتلاع ذلك.
فممن صرح بأن ابتلاع البلغم مفطر صاحب المهذب في الفقه الشافعي فقال: فإن أخرج البلغم من صدره ثم ابتلعه أو جذبه من رأسه بطل صومه. انتهى.
وممن صرح بأنه مغتفرصاحب التاج والإكليل على مختصر خليل في الفقه المالكي فقال: وأما البلغم فقال اللخمي: لا شيء في البلغم إذا نزل إلى الحلق وإن كان قادرا على طرحه، القباب: بعض من لم يقف على هذا كان يتكلف في صومه إخراج البلغم مهما قدر عليه فلحقته بذلك مشقة لتكرره عليه. انتهى.
وفي درر الحكام شرح غرر الأحكام في الفقه الحنفي: أو دخل أنفه مخاط فاستشمه فأدخله حلقه، ولو عمدا، كذا في الخلاصة لم يفسد صومه جزاء لقوله إن أكل، وفي حاشية الشرنبلالي على غرر الأحكام: قوله أو دخل أنفه مخاط... إلخ، أطلقه فشمل ما لو ظهر المخاط على رأس أنفه أو لم يظهر كما يفيده ما في البزازية ونقله في شرح المنظومة من عدم الفطر ببزاق امتد ولم ينقطع من فمه إلى ذقنه ثم ابتلعه بجذبه اهـ، وكذا قال الكمال لو استشم المخاط من أنفه حتى أدخله إلى فمه وابتلعه عمدا لا يفطر. انتهى.
لذلك ينبغي للسائل أن يحترز من ابتلاع ما ينزل إلى فمه منه أثناء الصيام على كل حال، فإن شق عليه الاحتراز منه فالظاهر أنه صار مغتفرا فلا يفسد الصيام ولايطالب بقضاء الأيام التي تم فيها ابتلاعه لعموم البلوى، ولأنه ينزل بغير اختباره، ففي فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ جوابا لسؤال جاء فيه: رجل أصيب بمرض الجيوب الأنفية، وأصبح بعض الدم ينزل إلى الجوف، والآخر يخرجه من فمه، ولا يجد مشقة من صومه، فهل صومه صحيح إذا صام؟ فأجاب: إذا كان في الإنسان نزيف من أنفه وبعض الدم ينزل إلى جوفه، وبعض الدم يخرج فإنه لا يفطر بذلك، لأن الذي ينزل إلى جوفه ينزل بغير اختياره، والذي يخرج لا يضره. انتهى.
وقد ذكر بعض الفقهاء أن من ابتلي بدمى لثته بحيث يجري دائما أوغالبا سومح بما يشق الاحتراز عنه، ففي حاشية الجمل على شرح المنهاج في الفقه الشافعي: ولو عمت بلوى شخص بدم لثته بحيث يجري دائما غالبا سومح بما يشق الاحتراز عنه ويكفي بصقه ويعفى عن أثره ولا سبيل إلى تكليفه غسله جميع نهاره، إذ الفرض أنه يلقى دائما أو يترشح وربما إذا غسله زاد جريانه، كذا قاله الأذرعي وهو فقه ظاهر. انتهى.
وفي إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين في الفقه الشافعي أيضا بعد أن نقل الكلام المتقدم: ثم رأيت بعضهم بحثه واستدل له بأدلة، وهي رفع الحرج عن الأمة، والقياس على العفو عما مر في شروط الصلاة، ثم قال: فمتى ابتلعه مع علمه به وليس له عنه بد، فصومه صحيح. انتهى.
والله أعلم.