السؤال
ما معنى اسمي الله الولي والودود؟ وما هي آثار هذين الاسمين في الكون وفي الإنسان وكيفية الاستدلال على هذين الاسمين؟ وما هي الآثار الإيمانية لهما؟ وكيف أعيش معهما؟.
ما معنى اسمي الله الولي والودود؟ وما هي آثار هذين الاسمين في الكون وفي الإنسان وكيفية الاستدلال على هذين الاسمين؟ وما هي الآثار الإيمانية لهما؟ وكيف أعيش معهما؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالولي في اللغة ضد العدو، ومعناه في أسماء الله تعالى: الناصر، وقيل: المتولي لأمور العالم والخلائق القائم بها، الذي ينصر أولياءه ويليهم بإحسانه وفضله، جاء في شرح أسماء الله الحسنى: وولاية الله لعباده تعني قربه منهم، فهو أقرب إليهم من حبل الوريد، وهي الولاية العامة التي تقتضي العناية والتدبير وتصريف الأمور والمقادير.. أما الولاية الخاصة: فهي ولايته للمؤمنين وقربه منهم، وهي ولاية حفظ ومحبة ونصرة.. قال تعالى: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون {سورة يونس، الآية: 63} وقد ورد اسم الولي ـ مطلقا غير معرف ب أل ـ في كثير من نصوص الوحي من القرآن والسنة، وورد بالتعريف ـ ب أل ـ في القرآن الكريم مرتين فقط في سورة الشورى، وهما قول لله تعالى: فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير{ سورة الشورى الآية:9} وقوله تعالى: وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد {سورة الشورى الآية: 28}.
وأما الودود فمعناه: المحب لخلقه والمحبوب لهم، جاء في لسان العرب: الودود في أسماء الله عز وجل المحب لعباده من قولك وددت الرجل أوده ودا وودادا وودادا، قال ابن الأثير: الودود في أسماء الله تعالى فعول بمعنى مفعول من الود: المحبة، يقال وددت الرجل إذا أحببته، فالله تعالى مودود أي محبوب في قلوب أوليائه، قال: أو هو فعول بمعنى فاعل أي يحب عباده الصالحين.
وفي تفسير التحرير والتنوير: والودود: فعول بمعنى فاعل مشتق من الود وهو المحبة فمعنى الودود: المحب وهو من أسمائه تعالى، أي إنه يحب مخلوقاته ما لم يحيدوا عن وصايته.
وفي تفسير القرطبي: الودود: أي المحب لأوليائه، وروى الضحاك عن ابن عباس قال: كما يود أحدكم أخاه بالبشرى والمحبة، وعنه أيضا: الودود: أي المتودد إلى أوليائه بالمغفرة.
وجاء في تفسير السعدي: ومعنى الودود، من أسمائه تعالى، أنه يحب عباده المؤمنين ويحبونه، فهو فعول بمعنى فاعل، وبمعنى مفعول.. والودود الذي يحب أنبياءه ورسله وأتباعهم، ويحبونه، فهو أحب إليهم من كل شيء، قد امتلأت قلوبهم من محبته، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه، وانجذبت أفئدتهم إليه ودا وإخلاصا وإنابة من جميع الوجوه.
وجاء في شرح الأسماء الحسنى: فالله عز وجل هو الودود الذي يود عباده الصالحين فيحبهم ويقربهم ويرضى عنهم ويتقبل أعمالهم، وهذه محبة خاصة بالمؤمنين، أما المحبة العامة فالله هو الودود ذو إحسان كبير لمخلوقاته من جهة إنعامه عليهم.. فمعنى أن الله عز وجل ودود يعني حبيب قريب سميع مجيب، وقد ورد هذا الاسم في موضعين من القرآن الكريم، هما قول الله تعالى: إن ربي رحيم ودود { سورة هود، الآية :90} وقوله تعالى: وهو الغفور الودود {سورة البروج، الآية :14}.
فإذا عرف العبد معنى هذين الاسمين حقيقة كان لذلك الأثر البالغ في عقيدته وتفكيره وسلوكه وفي حياته كلها ونظرته للكون من حوله؛ فيعيش سعيدا مطمئنا إلى ولاية الله تعالى لعباده ومودته لهم، فيحب الخير لجميع خلق الله، ويعمل ما استطاع لتعبيد العباد لخالقهم، فيحب للكافر الهداية وللعاصي التوبة والمغفرة، وللمطيع الثبات ورفعة المنزلة.. وبذلك يكون ودودا محبوبا لعباد الله فيعفو عمن أساء إليه، ويلين مع البعيد كما يلين مع القريب وبذلك ينال ولاية الله تعالى ومحبته ووده.. فقد قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادى جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا، فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في أهل الأرض. رواه البخاري.
والله أعلم.