السؤال
أصلي التراويح 12 ركعة ركعتين ركعتين، وأوتر في ثلث الليل الآخر، ولكن قرأت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي 11 ركعة. هل هذا يعني أنه يصلي 10 تراويح ركعتين ركعتين ثم يوتر بركعة واحدة ؟ وهل ما أفعله صحيح؟ كذلك ما يسمى بالجهر بالصلاة و الكتمان بها أنا لا أتقيد بهذا أبدا. فهل أؤاخذ عليه أم هو من السنة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم الليل بإحدى عشرة ركعة بالوترسواء في ذلك رمضان وغيره، وفي كيفية صلاته عدة روايات صحيحة منها أنه كان يسلم بين كل ركعتين ثم يوتر بركعة واحدة، ومن صلى التراويح هكذا فقد وافق السنة. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء - وهي التي يدعو الناس العتمة - إلى الفجر، إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة. رواه مسلم.
وفي شرح رياض الصالحين للشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين رحمه الله تعالى عند شرح الحديث المذكور: وفي هذا دليل على وهم من توهم أنه إذا صلى إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا أربعا ثم ثلاثا بناء على حديثها رضي الله عنها أنها قالت: كان النبي لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا يسأل عن حسنهن وطولهن، ثم أربعا فلا يسأل عن حسنهن وطولهن، ثم ثلاثا. فظن بعض الناس أنه يصلي أربعا جميعا ثم أربعا جميعا ثم ثلاثا، وهذا وهم فقد أخذوا بظاهر الحديث فيحمل هذا على أنه يصلي أربعا على ركعتين ركعتين ثم يستريح، ثم يصلي أربعا على ركعتين ركعتين ثم يستريح، ثم يصلي ثلاثا. هكذا يجب أن يحمل لأن الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك واحد وهي عائشة والفعل واحد فيجب حمل بعضها على بعض لتتفق السنة، لا يقال إنه يفعل هذا مرة وهذا مرة، لأن كلمة كان تدل على دوام الفعل غالبا .انتهى.
وثبت عنه في رواية أخرى أنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة بالوتر.قال النووي في شرح صحيح مسلم: باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل) .قال ..وذكر البخاري ومسلم بعد هذا من حديث ابن عباس أن صلاته صلى الله عليه وسلم من الليل ثلاث عشرة ركعة وركعتين بعد الفجر سنة الصبح، وفي حديث زيد بن خالد أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين خفيفتين ثم طويلتين، وذكر الحديث وقال في آخره: فتلك ثلاث عشرة. قال القاضي: قال العلماء في هذه الأحاديث إخبار كل واحد من ابن عباس وزيد وعائشة بما شاهد. انتهى.
هذا مع أن الزيادة على ما كان يقوم به صلى الله عليه وسلم أمر جائز بدليل ما سبق بيانه في الفتوى رقم : 54790، والفتوى رقم : 139775. ومن هذا يعلم أن قيام الليل بإحدى عشرة ركعة بالوتر موافق للسنة، وكذلك القيام بثلاث عشرة بالوتر أيضا، وأن الزيادة على ذلك جائزة وزيادة خير.
أما عن الجزء الأخير من السؤال، ففي حال الاقتداء فلا يشرع الجهر للمأموم سواء في ذلك صلاة الفرض وغيرها، وانظري الفتوى رقم : 34896، أما في حال عدم الاقتداء فالمرأة تجهر في مواضع الجهر من صلاة الفرض إن كانت خالية أو بحضرة نساء أو رجال محارم، فإن كانت بحضرة رجال أجانب أسرت. قال النووي في المجموع: وأما المرأة فقال أكثر أصحابنا إن كانت تصلي خالية أو بحضرة نساء أو رجال محارم جهرت بالقراءة سواء صلت بنسوة أو منفردة، وإن صلت بحضرة أجنبي أسرت. إلى أن قال: ويكون جهرها أخفض من جهر الرجل، قال القاضي أبو الطيب: وحكم التكبير في الجهر والإسرار حكم القراءة. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وتجهر في صلاة الجهر، وإن كان ثم رجال لا تجهر، إلا أن يكونوا من محارمها، فلا بأس. انتهى.
وفي فتاوى نور على الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: المرأة والرجل كلاهما عليهما أن يتحريا السنة، فيجهر في المغرب والعشاء والفجر في الأولى والثانية من المغرب، والأولى والثانية من العشاء، وفي فريضة الفجر، ويسر في الظهر والعصر، وفي الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء، الرجل والمرأة جميعا، والمرأة ترفع صوتها إذا كان ما عندها من تخشى فتنته، ما عندها إلا نساء، أو ما عندها أحد، أو ما عندها إلا أطفال، أو ما عندها إلا محارمها تجهر، وإن كانت في غير المحارم فهي ترفع صوتها شيئا خفيفا في محل الجهر؛ لأن هذا سنة للجميع، الرجال والنساء، الجهر والسر . انتهى.
أما في صلاة النافلة التي يشرع الجهر فيها مثل التراويح فلها أن تجهر إن لم تكن بحضرة رجال أجانب ولها أن تسر أيضا، كل ذلك جائز. قال ابن القيم في زاد المعاد: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر بالقراءة في صلاة الليل تارة، ويجهر بها تارة. انتهى. وعلى كل حال فإن لم تجهر في صلاتها كلها لم تؤاخذ على ذلك لأن غاية ما فعلت ترك جائز أو مستحب، وترك ما ليس بواجب لا يعاقب عليه.
والله أعلم.