أقوال العلماء في حكم التلبية

0 273

السؤال

ما هي أقوال العلماء في التلبية هل هي ركن بحيث لا ينعقد الإحرام إلا بالتلفظ بالنسك أم هي سنة؟ وهل من أقوال لبعض المعاصرين في ذلك إذا سمحتم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فأما أقوال العلماء في حكم التلبية فقد بينها الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح فقال ما عبارته: لم يتعرض المصنف -يعني البخاري- لحكم التلبية، وفيها مذاهب أربعة يمكن توصيلها إلى عشرة الأول: أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء وهو قول الشافعي وأحمد. ثانيها: واجبة ويجب بتركها دم حكاه الماوردي عن ابن أبي هريرة من الشافعية وقال إنه وجد للشافعي نصا يدل عليه وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة وأغرب النووي فحكى عن مالك أنها سنة ويجب بتركها دم ولا يعرف ذلك عندهم إلا أن ابن الجلاب قال التلبية في الحج مسنونة غير مفروضة وقال ابن التين يريد أنها ليست من أركان الحج وإلا فهي واجبة ولذلك يجب بتركها الدم ولو لم تكن واجبة لم يجب وحكى ابن العربي أنه يجب عندهم بترك تكرارها دم وهذا قدر زائد على أصل الوجوب. ثالثها: واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه على الطريق وبهذا صدر ابن شاس من المالكية كلامه في الجواهر له وحكى صاحب الهداية من الحنفية مثله لكن زاد القول الذي يقوم مقام التلبية من الذكر كما في مذهبهم من أنه لا يجب لفظ معين وقال ابن المنذر قال أصحاب الرأي إن كبر أو هلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم. رابعها: أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها حكاه ابن عبد البر عن الثوري وأبي حنيفة وابن حبيب من المالكية والزبيري من الشافعية وأهل الظاهر قالوا هي نظير تكبيرة الإحرام للصلاة ويقويه ما تقدم من بحث ابن عبد السلام عن حقيقة الإحرام وهو قول عطاء أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه قال التلبية فرض الحج وحكاه بن المنذر عن ابن عمر وطاوس وعكرمة وحكى النووي عن داود أنه لا بد من رفع الصوت بها وهذا قدر زائد على أصل كونها ركنا. انتهى.

فإذا علمت هذا فاعلم أن العلامة ابن باز رحمه الله قد ذهب إلى قول الجمهور وهو أن التلبية سنة مؤكدة، قال رحمه الله: إذا كان نوى العمرة عند إحرامه ولكن نسي التلبية وهو ناو العمرة، حكمه حكم من لبى، يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، وتشرع له التلبية في أثناء الطريق، فلو لم يلب فلا شيء عليه لأن التلبية سنة مؤكدة. انتهى.

وبه قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله جاء في فتاواه ما لفظه: التلبية سنة للرجال والنساء وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وينبغي أن يذكر نسكه إن كان محرما بعمرة أو حج فيقول مع التلبية: لبيك عمرة إن كان محرما بعمرة، أو لبيك بحجة إن كان محرما للحج، أو لبيك عمرة وحجا إن كان محرما بالقران. والرجل يرفع صوته بذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال. أما المرأة فلا ترفع صوتها بذلك لما يخشى من رفع صوتها من الفتنة. انتهى.

وعلى كل فالمسألة اجتهادية كما رأيت، وقد توقف العلامة الشنقيطي في حكمها فلم يجزم فيه بشيء كما في الأضواء، ومن ترجح له هذا القول أو ذاك فلا تثريب عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة