السؤال
أريد أن أعرف حقيقة قصة سيدنا أيوب عليه السلام ولو باختصار وجزاكم الله خيرا عني
حياكم الله
أريد أن أعرف حقيقة قصة سيدنا أيوب عليه السلام ولو باختصار وجزاكم الله خيرا عني
حياكم الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأنبياء عليهم السلام هم خيرة الله من خلقه اصطفاهم لحمل رسالته إلى الناس، وجعلهم القدوة لأتباعهم من المسلمين.
فلا يكون المؤمن مؤمنا إلا إذا آمن بجميعهم. قال تعالى:لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون [البقرة:136]. وقال تعالى:أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [الأنعام:90]. فكان هذا أمرا لنبينا صلى الله عليه وسلم ولنا من بعده.
وقد قص الله تعالى علينا في محكم كتابه كثيرا من قصص الأنبياء وغيرهم.. لنأخذ منها الدروس والعظات والعبر..... قال تعالى:لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب [يوسف:111].
وتعقيبا على قصة أيوب قال "وذكرى للعابدين" وقال "وذكرى لأولي الألباب" وأيوب عليه السلام هو من هؤلاء الذين ينبغي أن نقتدي بهم ونتعظ.....
قال ابن كثير نقلا عن ابن إسحاق : هو أيوب بن موص بن رازح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وكان رجلا من الروم، وقد اشتهر بالصبر على البلاء وشكر النعم... قال تعالى:وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين*فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين [الأنبياء:83-84]. وقال أيضا:واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب*اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب*ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب [ص:41-42-43].
قال علماء التفسير والتاريخ: كان أيوب كثير المال من صنوفه وأنواعه.... وكان له أولاد كثيرون وأهلون، فسلب منه ذلك جميعه، وابتلي في جميع جسده بأنواع البلاء ولم يسلم منه عضو، سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما، وهو مع ذلك صابر محتسب، وطال مرضه حتى عافه الجليس وأوحش منه الأنيس حتى أخرج من بلده وألقي بعيدا، ولم يبق معه أحد يحنو عليه سوى زوجته التي كانت ترعى حقه وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها، فكانت تتردد عليه وتصلح شأنه... حتى ضعف حالها وقل مالها... فكانت تخدم الناس بالأجر لتطعمه وتقوم بحاله -رضي الله عنها وأرضاها- وهي صابرة على ما حل بهما من فقدان الأهل والمال والولد، وما يختص بها من المصيبة بزوجها وضيق ذات يدها، وخدمتها للناس بعد السعادة والنعمة والخدمة والاحترام والشرف.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما رواه الترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت:
"يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وان كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ولم يزد أيوب ذلك كله إلا صبرا واحتسابا وحمدا وشكرا حتى أصبح يضرب به المثل، وقد اختلفوا في مدة بلواه على أقوال: أقلها ثلاث سنين.. وأكثرها ثمان عشر سنة.
فدعا الله تعالى قائلا: أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين قال تعالى: فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين
وقال الله له: اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فركض برجله فنبع الماء فشرب منه واغتسل فبرئ وعاد إلى حاله وجماله الذي كان عنده، فرد الله تعالى إليه ماله ومثله معه، ورزقه من الولد ضعف ما كان عنده وعاش بعد ذلك مدة طويلة.
قال تعالى عن أيوب تنويها بصبره:إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب [ص:44]. وقال تعالى: وذكرى لأولي الألباب أي تذكرة لمن ابتلي في جسده وماله وولده، فله أسوة بنبي الله أيوب حيث ابتلاه الله بما هو أعظم فصبر واحتسب.
والله أعلم.