جاهدي نفسك على الإحسان لخالتك فيما لا معصية فيه

0 259

السؤال

أولا: أتقدم بخالص الشكر والتقدير لأصحاب هذا الموقع, وأسأل الله العلي العظيم أن يوفقكم لكل خير, وأن يرفعكم ويعزكم, إنه ولي ذلك والقادر عليه. ثانيا: أود إفادتكم لي - جزاكم الله خيرا - فأنا فتاة يتيمة الأب والأم, ومنذ الصغر وأنا أعيش مع خالة لي - أخت أمي - لكني أعيش من نفقتي الشخصية, حيث ترك لي والدي - رحمهما الله - ما يكفيني – والحمد لله - والمشكلة أن خالتي عصبية, ومن الصعب أن تتقبل النصيحة, وكي لا أكون ظالمة لها في كلامي فهي من النادر أن تتقبل النصيحة, وأنا أدفع لها مبلغا شهريا من مالي مقابل طعامي وشرابي, وأشتري لها ولأولادها الهدايا, في الوقت الذي لا أقبل فيه أي هدية من أحد؛ كي لا يعيرني بها يوما ما؛ لأني أعلم ذلك جيدا في بيتنا, فهم إذا اشتروا هدية أو أعطوا شيئا لأحد وحدث خلاف بينهم وبين هذا الشخص يتحدثون عنه ليل نهار, ويقولون: اشترينا له واشترينا له وهو لا يقدر أحدا, وأنا أتفادى هذا, ولا أقبل الهدايا, وقد وفقني الله وجعلتها تذهب للعمرة من مالي الخاص, واشتريت لها ذهبا؛ كي تكون أجمل الناس, كل ذلك كي ترضى عني, والمشكلة أننا في هذا البيت إذا جلس ثلاثة منا سويا وقام أحدهم وترك المجلس تجد الاثنين الآخرين يتحدثون عنه, ومن الممكن أن نقضي مجلسنا طوال اليوم أو بالساعات نتحدث عن هذا وهذا, وإذا أردت أن أنصح وأقول: هذا لا يجوز, ولا ينبغي أن نفعل هذا فإنهم يغضبون مني, وكلما تقدم شخص لخطبتي ولم أوافق عليه تغضب مني بحجة أنها تريد أن تفرح بي, وكل مشكلتي أني عصبية, ولا أحتمل من يؤذيني, وأحب أن آخذ حقي دائما, ولدي سؤالان: السؤال الأول: هل علي من ذنب إذا رفضت الزواج من شخص لا يتلاءم معي ماديا؟ فأنا دائما أدعو الله أن يرزقني بشخص يعينني على الطاعة وعلى الإنفاق؛ لأني أحب الإنفاق حبا جما, وأريد من الله أن يرزقني بشاب يتلاءم معي في تعليمي وثقافتي, فهل علي من ذنب؟ وهل أنا مخطئة في هذا؟ لأن أهل البيت دائما يغضبون مني ويلومونني, ويقولون لي الخاطبون كثير, ولا أحد يجد خاطبين, خاصة بعد أن لبست النقاب, فهم يكرهون لبسي للنقاب طالما لم أتزوج, وأنا صممت عليه ولبسته بالفعل. السؤال الثاني: هل يجوز أن أتحدث معهم على قدر الحاجة, كأنا خارجة؛ لأخذ الإذن من خالتي فقط؛ لأني فعلا لا أطيق ولا أحتمل التحدث معهم, ودائما يؤلمني حديث رسولي محمد صلى الله عليه وسلم "خيركم خيركم لأهله, وأنا خيركم لأهلي", وأخاف أن يجعل الله أعمالي هباء منثورا بسبب عدم حديثي معهم, علما أني اشتكيت لأخي من حديثهم عني من ورائي, فما كان جوابه إلا أن قال: اصبري, فخالتك لها فضل كبير في تربيتك, وأحسني الظن بها, وهو يعيش في الغربة, ولا يرى شيئا, ونحن منذ زمن طويل لا نعيش سويا, بل مجرد زيارات فقط, وكل منا في حاله, فماذا أفعل؟ بالله عليكم اعتبروني بنتا لكم, وانصحوني, فأنا لا أريد أن يذهب الله أعمالي, ويجعلها هباء منثورا بسبب أي أحد من الخلق, وفي الوقت ذاته أحتاج إلى الحب والحنان, وآسفة جدا للإطالة, وخائفة أيضا من أن أكون أشتكي لكم, وهذا ينافي الصبر, لكني أريد الفتوى فقط والنصيحة, وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا حرج عليك في رد الخطاب الذين لا يناسبونك من جهة المال والتعليم ونحوه، بل مراعاة هذه الأمور أمر حسن لا ينبغي إغفاله, وانظري الفتوى رقم: 26055 , لكن ننبهك إلى أن تكرار رفض الخطاب والمبالغة في الشروط المطلوبة في الخاطب مسلك غير مأمون العواقب، وراجعي في ذلك الفتويين: 104869 ، 71053.

وأما بخصوص علاقتك بخالتك وغيرها من أرحامك: فالواجب عليك صلتهم ولا سيما خالتك فإن حقها عليك عظيم، فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الخالة بمنزلة الأم " متفق عليه, فاحذري من قطعها, أو الجفاء معها, وإذا كانت هي أو غيرها من أرحامك يقعون في الغيبة والنميمة, فالواجب عليك اجتناب هذه المحرمات, والحرص على أن تكون مجالسك معهم مجالس خير وطاعة ونصح، وإذا صدر من بعضهم غيبة فعليك الإنكار, وبيان حرمة الغيبة, ويمكنك توجيه الحوار بعيدا عن الأمور المحرمة, والمبادرة بالكلام النافع، فإذا لم ينفع ذلك فالواجب اجتناب هذه المجالس، قال النووي في رياض الصالحين:  باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبة محرمة بردها والإنكار على قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه. اهـ

  ولا يستلزم ذلك مقاطعتهم بالكلية, وإنما تخالطينهم فيما لا إثم فيه, وتجاهدين نفسك على بر خالتك فيما لا معصية فيه والإحسان إليها، وأكثري من دعاء الله عز وجل أن يعينك على طاعته, وأن يرزقك زوجا صالحا تقر به عينك, ويكون عونا لك على أمر دينك ودنياك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة