السؤال
سادتنا العلماء: جهة تبرعت للمجاهدين في سوريا, فقام الأخ الموكل بتشغيل المال في الاستثمار لصالح المجاهدين, وهو يعلم يقينا أن هذا الفعل في صالحهم؛ لأن كل فلس يأتي من الأرباح فسوف يحولها لهم, وأنه يصبح موردا مستمرا لهم, وأنه عند إنهاء العمل فسيحول المال كله لهم, وأنه ثقة مأمون, فما حكم الشرع في فعله مع الدليل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوكيل يجب عليه أن يتقيد بحدود الوكالة، ولا يخرج في تصرفاته عن إذن موكله، قال ابن قدامة في المغني: لا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه, والإذن يعرف بالنطق تارة, وبالعرف أخرى, ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد، لم يملك التصرف قبله ولا بعده؛ لأنه لم يتناوله إذنه مطلقا ولا عرفا اهـ. وجاء في (الموسوعة الفقهية): تتعلق بالوكيل أحكام، منها: الأول: أن يقوم الوكيل بتنفيذ الوكالة في الحدود التي أذن له الموكل بها، أو التي قيده الشرع أو العرف بالتزامها ... اهـ.
وعلى ذلك، فإن كانت جهة التبرع لم تأذن في استثمار هذا المال، ولا أذن المتبرع لهم فلا يجوز للوكيل أن يفعل ذلك، فإن فعل دون إذنهم فهو ضامن لما تلف أو خسر من المال, جاء في الموسوعة الفقهية: إذا تعدى الوكيل فيما تحت يده من مال لموكله, أو فرط في المحافظة عليه، كان ضامنا لما يتلف منه اهـ, وراجع لفائدة الفتوى رقم: 19455.
فإن كان الوكيل يعلم أن استثماره لهذا المال في صالح من تم التبرع لهم، فليستأذن المتبرع أو المتبرع له قبل أن يفعل ذلك، فإن أذن من له الإذن فلا حرج عليه بعد ذلك.
والله أعلم.